التفاسير

< >
عرض

إِلاَّ مَن تَوَلَّىٰ وَكَفَرَ
٢٣
فَيُعَذِّبُهُ ٱللَّهُ ٱلْعَذَابَ ٱلأَكْبَرَ
٢٤
-الغاشية

مفاتيح الغيب ، التفسير الكبير

ففيه مسائل.

المسألة الأولى: في الآية قولان: أحدهما: أنه استثناء حقيقي، وعلى هذا التقدير هذا الاستثناء، استثناء عماذا؟ فيه احتمالان الأول: أن يقال التقدير: فذكر إلا من تولى وكفر والثاني: أنه استثناء عن الضمير في { عَلَيْهِمْ } [الغاشية: 22] والتقدير: لست عليهم بمسيطر إلا من تولى. واعترض عليه بأنه عليه السلام ما كان حينئذ مأموراً بالقتال وجوابه: لعل المراد أنك لا تصبر مسلطاً إلا على من تولى القول الثاني: أنه استثناء منقطع عما قبله، كما تقول في الكلام: قعدنا نتذكر العلم، إلا أن كثيراً من الناس لا يرغب، فكذا ههنا التقدير لست بمسئول عليهم، لكن من تولى منهم فإن الله يعذبه العذاب الأكبر الذي هو عذاب جهنم، قالوا وعلامة كون الاستثناء منقطعاً حسن دخول أن في المستثني، وإذا كان الاستثناء متصلاً لم يحسن ذلك، ألا ترى أنك تقول: عندي مائتان إلا درهماً، فلا تدخل عليه أن، وههنا يحسن أن، فإنك تقول: إلا أن من تولى وكفر فيعذبه الله.

المسألة الثانية: قرىء: (ألا من تولى) على التنبيه، وفي قراءة ابن مسعود: (فإنه يعذبه).

المسألة الثالثة: إنما سماه العذاب الأكبر لوجوه أحدها: أنه قد بلغ حد عذاب الكفر وهو الأكبر، لأن ما عداه من عذاب الفسق دونه، ولهذا قال تعالى: { { وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مّنَ ٱلْعَذَابِ ٱلأَدْنَىٰ دُونَ ٱلْعَذَابِ ٱلأَكْبَرِ } [السجدة: 21]، وثانيها: هو العذاب في الدرك الأسفل في النار وثالثها: أنه قد يكون العذاب الأكبر حاصلاً في الدنيا، وذلك بالقتل وسبي الذرية وغنيمة الأموال، والقول الأول أولى وأقرب. ثم قال تعالى: