التفاسير

< >
عرض

يَقُولُ يٰلَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي
٢٤
-الفجر

مفاتيح الغيب ، التفسير الكبير

وفيه مسألتان:

المسألة الأولى: للآية تأويلات:

أحدهما: ياليتني قدمت في الدنيا التي كانت حياتي فيها منقطعة، لحياتي هذه التي هي دائمة غير منقطعة، وإنما قال: { لِحَيَاتِى } ولم يقل: لهذه الحياة على معنى أن الحياة كأنها ليست إلا الحياة في الدار الآخرة، قال تعالى: { وَإِنَّ ٱلدَّارَ ٱلاْخِرَةَ لَهِىَ ٱلْحَيَوَانُ } [العنكبوت: 64] أي لهي الحياة.

وثانيها: أنه تعالى قال في حق الكافر: { وَيَأْتِيهِ ٱلْمَوْتُ مِن كُلّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيّتٍ } [إبراهيم: 17] وقال: { فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لاَ يَمُوتُ فِيهَا وَلاَ يَحْيَىٰ } [طه: 74] وقال: { وَيَتَجَنَّبُهَا ٱلأَشْقَى * ٱلَّذِى يَصْلَى ٱلنَّارَ ٱلْكُبْرَىٰ * ثُمَّ لاَ يَمُوتُ فِيهَا وَلاَ يَحْيَىٰ } [الأعلى: 11 - 13] فهذه الآية دلت على أن أهل النار في الآخرة كأنه لا حياة لهم، والمعنى فياليتني قدمت عملاً يوجب نجاتي من النار حتى أكون من الأحياء.

وثالثها: أن يكون المعنى: فياليتني قدمت وقت حياتي في الدنيا، كقولك جئته لعشر ليال خلون من رجب.

المسألة الثانية: استدلت المعتزلة بهذه الآية على أن الاختيار كان في أيديهم ومعلقاً بقصدهم وإرادتهم وأنهم ما كانوا محجوبين عن الطاعات مجترئين على المعاصي وجوابه: أن فعلهم كان معلقاً بقصدهم، فقصدهم إن كان معلقاً بقصد آخر لزم التسلسل، وإن كان معلقاً بقصد الله فقد بطل الاعتزال. ثم قال تعالى: