التفاسير

< >
عرض

وَإِذَا مَسَّ ٱلإِنسَانَ ٱلضُّرُّ دَعَانَا لِجَنبِهِ أَوْ قَاعِداً أَوْ قَآئِماً فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَن لَّمْ يَدْعُنَآ إِلَىٰ ضُرٍّ مَّسَّهُ كَذٰلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ
١٢
-يونس

الجامع لاحكام القرآن

قوله تعالىٰ: { وَإِذَا مَسَّ ٱلإِنسَانَ ٱلضُّرُّ دَعَانَا لِجَنبِهِ } قيل: المراد بالإنسان هنا الكافر، قيل: هو أبو حذيفة ابن المغيرة المشرك، تصيبه البأساء والشدّة والجهد. { دَعَانَا لِجَنبِهِ } أي على جنبه مضطجعاً. { أَوْ قَاعِداً أَوْ قَآئِماً } وإنما أراد جميع حالاته؛ لأن الإنسان لا يعدو إحدىٰ هذه الحالات الثلاثة. قال بعضهم: إنما بدأ بالمضطجع لأنه بالضر أشدّ في غالب الأمر، فهو يدعو أكثر، واجتهاده أشدّ، ثم القاعد ثم القائم. { فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ } أي استمر على كفره ولم يشكر ولم يتّعظ.

قلت: وهذه صفة كثير من المخلطين الموحدين، إذا أصابته العافية مرّ على ما كان عليه من المعاصي؛ فالآية تعمّ الكافر وغيره. { كَأَن لَّمْ يَدْعُنَآ } قال الأخفش: هي «كأنّ» الثقيلة خُفّفت، والمعنى كأنه؛ وأنشد:

وَيْ كأنْ من يكن له نَشَبٌ يُحْــبَبْ ومن يفتقر يَعشْ عيش ضُرّ

{ كَذٰلِكَ زُيِّنَ } أي كما زين لهذا الدعاءُ عند البلاء والإعراض عند الرخاء. { زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ } أي للمشركين أعمالهم من الكفر والمعاصي. وهذا التزيين يجوز أن يكون من الله، ويجوز أن يكون من الشيطان، وإضلاله دعاؤه إلى الكفر.