التفاسير

< >
عرض

إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً وَعْدَ ٱللَّهِ حَقّاً إِنَّهُ يَبْدَؤُاْ ٱلْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ لِيَجْزِيَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ بِٱلْقِسْطِ وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَهُمْ شَرَابٌ مِّنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُواْ يَكْفُرُونَ
٤
-يونس

الجامع لاحكام القرآن

قوله تعالى: { إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ } رفع بالابتداء. { جَمِيعاً } نصب على الحال. ومعنى الرجوع إلى الله الرجوع إلى جزائه. { وَعْدَ ٱللَّهِ حَقّاً } مصدران؛ أي وعد الله ذلك وعداً وحققه «حقاً» صدقاً لا خلف فيه. وقرأ إبراهيم بن أبي عَبْلَة «وَعْدُ اللَّه حَقّ» على الاستئناف.

قوله تعالى: { إِنَّهُ يَبْدَأُ ٱلْخَلْقَ } أي من التراب. { ثُمَّ يُعِيدُهُ } إليه. مجاهد: ينشئه ثم يميته ثم يحييه للبعث؛ أو ينشئه من الماء ثم يعيده من حال إلى حال. وقرأ يزيد بن القَعْقَاع «أَنَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ» تكون «أن» في موضع نصب؛ أي وعدكم أنه يبدأ الخلق. ويجوز أن يكون التقدير لأنه يبدأ الخلق؛ كما يقال: لَبَّيْكَ أنّ الحمد والنعمة لك؛ والكسر أجود. وأجاز الفرّاء أن تكون «أن» في موضع رفع فتكون ٱسماً. قال أحمد بن يحيى: يكون التقدير حقاً إبداؤه الخلق.

قوله تعالى: { لِيَجْزِيَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ بِٱلْقِسْطِ } أي بالعدل. { وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَهُمْ شَرَابٌ مِّنْ حَمِيمٍ } أي ماء حار قد انتهى حرّه، والحمِيمة مثله. يقال: حَمَمْت الماء أحُمّه فهو حميم، أي محموم؛ فعيل بمعنى مفعول. وكلُّ مُسَخَّن عند العرب فهو حميم. { وَعَذَابٌ أَلِيمٌ } أي موجِع، يخلص وجعه إلى قلوبهم. { بِمَا كَانُواْ يَكْفُرُونَ } أي بكفرهم، وكان معظم قريش يعترفون بأن الله خالقهم؛ فاحتج عليهم بهذا فقال: من قدر على الابتداء قدر على الإعادة بعد الإفناء أو بعد تفريق الأجزاء.