التفاسير

< >
عرض

فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَىٰ إِلَيْكَ وَضَآئِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَن يَقُولُواْ لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ كَنزٌ أَوْ جَآءَ مَعَهُ مَلَكٌ إِنَّمَآ أَنتَ نَذِيرٌ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ
١٢
أَمْ يَقُولُونَ ٱفْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُواْ بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ مُفْتَرَيَٰتٍ وَٱدْعُواْ مَنِ ٱسْتَطَعْتُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ
١٣
-هود

الجامع لاحكام القرآن

قوله تعالى: { فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَىٰ إِلَيْكَ } أي فلعلك لعظيم ما تراه منهم من الكفر والتكذيب تتوهم أنهم يزيلونك عن بعض ما أنت عليه. وقيل: إنهم لما قالوا { لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ كَنزٌ أَوْ جَآءَ مَعَهُ مَلَكٌ } هَمَّ أن يدع سبّ آلهتهم فنزلت هذ الآية؛ فالكلام معناه الاستفهام؛ أي هل أنت تارك ما فيه سبّ آلهتهم كما سألوك؟ وتأكد عليه الأمر في الإبلاغ؛ كقوله: { { يَـۤأَيُّهَا ٱلرَّسُولُ بَلِّغْ مَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ } [المائدة: 67] وقيل: معنى الكلام النفي مع ٱستبعاد؛ أي لا يكون منك ذلك، بل تبلغهم كل ما أنزل إليك؛ وذلك أن مشركي مكة قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: لو أتيتنا بكتاب ليس فيه سبّ آلهتنا لاتبعناك، فهَمّ النبي صلى الله عليه وسلم أن يدع سبّ آلهتهم؛ فنزلت.

قوله تعالى: { وَضَآئِقٌ بِهِ صَدْرُكَ } عطف على { تَارِكٌ } و { صَدْرُكَ } مرفوع به، والهاء في «به» تعود على «ما» أو على بعض، أو على التبليغ، أو التكذيب. وقال: { ضَائِقٌ } ولم يقل ضيّق ليشاكل «تَارِكٌ» الذي قبله؛ ولأن الضّائق عارض، والضيّق ألزم منه. { أَن يَقُولُواْ } في موضع نصب؛ أي كراهية أن يقولوا، أو لئلا يقولوا كقوله: { { يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمْ أَن تَضِلُّواْ } [النساء: 176] أي لئلا تضلّوا. أو لأن يقولوا. { لَوْلاَ } أي هلاّ { أُنزِلَ عَلَيْهِ كَنزٌ أَوْ جَآءَ مَعَهُ مَلَكٌ } يصدقه؛ قاله عبد الله بن أبي أميّة بن المغيرة المخزوميّ؛ فقال الله تعالى: يا محمد { إِنَّمَآ أَنتَ نَذِيرٌ } إنما عليك أن تنذرهم، لا بأن تأتيهم بما يقترحونه من الآيات. { وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ } أي حافظ وشهيد.

قوله تعالى: { أَمْ يَقُولُونَ ٱفْتَرَاهُ } «أم» بمعنى بل، وقد تقدّم في «يونس» أي قد أزحت عِلّتهم وإشكالهم في نبوّتك بهذا القرآن، وحَجَجْتَهم به؛ فإن قالوا: افتريته ـ أي ٱختلقته ـ فليأتوا بمثله مفترىً بزعمهم. { وَٱدْعُواْ مَنِ ٱسْتَطَعْتُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ } أي من الكهنة والأعوان.