قوله تعالى: { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ بِآيَاتِنَا } بين أنه أتبع النبي النبيّ لإقامة الحجة، وإزاحة كل علّة «بِآيَاتِنَا» أي بالتوراة. وقيل: بالمعجزات. { وَسُلْطَانٍ مُّبِينٍ } أي حجة بيّنة؛ يعني العصا. وقد مضى في «آل عمران» معنى السلطان واشتقاقه فلا معنى للإعادة. { إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَٱتَّبَعُوۤاْ أَمْرَ فِرْعَوْنَ } أي شأنه وحاله، حتى ٱتخذوه إلها، وخالفوا أمر الله تعالى. { وَمَآ أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ } أي بسديد يؤدّي إلى صواب: وقيل: «بِرَشِيدٍ» أي بمرشد إلى خير.
قوله تعالى: { يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ } يعني أنه يتقدمهم إلى النار إذ هو رئيسهم. يقال: قَدَمهم يقدُمُهم قدماً وقُدُوماً إذا تقدّمهم. { فَأَوْرَدَهُمُ ٱلنَّارَ } أي أدخلهم فيها. ذُكِر بلفظ الماضي؛ والمعنى فيوردهم النار؛ وما تحقق وجوده فكأنه كائن؛ فلهذا يُعبَّر عن المستقبل بالماضي. { وَبِئْسَ ٱلْوِرْدُ ٱلْمَوْرُودُ } أي بئس المدخل المدخول؛ ولم يقل بئست لأن الكلام يرجع إلى المورود، وهو كما تقول: نعم المنزل دارك، ونعمت المنزل دارك. والمورود الماء الذي يورد، والموضع الذي يورد؛ وهو بمعنى المفعول.
قوله تعالى: { وَأُتْبِعُواْ فِي هَـٰذِهِ لَعْنَةً } أي في الدنيا. { وَيَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ } أي ولعنة يوم القيامة؛ وقد تقدّم هذا المعنى. { بِئْسَ ٱلرِّفْدُ ٱلْمَرْفُودُ } حكى الكسائي وأبو عبيدة: رَفَدْتُه أَرْفِدُه رَفْداً؛ أي أعنته وأعطيته. وٱسم العطية الرَّفْد؛ أي بئس العطاء والإعانة. والرفد أيضاً القدح الضخم؛ قاله الجوهري، والتقدير: بئس الرفد رِفد المرفود. وذكر الماوردي: أن الرَّفد بفتح الراء القدح، والرفد بكسرها ما في القدح من الشراب؛ حكي ذلك عن الأصمعي؛ فكأنه ذمّ بذلك ما يسقونه في النار. وقيل: إن الرفد الزيادة؛ أي بئس ما يرفدون به بعد الغرق النارُ؛ قاله الكلبي.