قوله تعالى: { وَٱلَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ ٱللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ } لما ذكر الموفين بعهده، والمواصلين لأمره، وذكر مالهم ذكر عكسهم. نقض الميثاق: ترك أمره. وقيل: إهمال عقولهم، فلا يتدبرون بها ليعرفوا الله تعالى. { وَيَقْطَعُونَ مَآ أَمَرَ ٱللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ } أي من الأرحام. والإيمان بجميع الأنبياء. { وَيُفْسِدُونَ فِي ٱلأَرْضِ } أي بالكفر وٱرتكاب المعاصي { أُوْلَـٰئِكَ لَهُمُ ٱللَّعْنَةُ } أي الطّرد والإبعاد من الرحمة. { وَلَهُمْ سُوۤءُ ٱلدَّارِ } أي سوء المنقلَب، وهو جهنم. وقال سعد بن أبي وقّاص: والله الذي لا إله إلا هوٰ إنهم الْحَرُورِية. قوله تعالى: { ٱللَّهُ يَبْسُطُ ٱلرِّزْقَ لِمَنْ يَشَآءُ وَيَقَدِرُ } لما ذكر عاقبة المؤمن وعاقبة المشرك بيّن أنه تعالى الذي يبسط الرزق ويقدر في الدنيا، لأنها دار ٱمتحان؛ فبَسْط الرزق على الكافر لا يدلّ على كرامته، والتّقتير على بعض المؤمنين لا يدلّ على إهانتهم. «وَيَقْدِرُ» أي يضيق؛ ومنه.
{ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ } [الطلاق: 7] أي ضيّق. وقيل: «يقدر» يعطي بقدر الكفاية. { وَفَرِحُواْ بِٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا } يعني مشركي مكة؛ فرحوا بالدنيا ولم يعرفوا غيرها، وجهلوا ما عند الله؛ وهو معطوف على «وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ». وفي الآية تقديم وتأخير؛ التقدير: والذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض وفرحوا بالحياة الدنيا. { وَمَا ٱلْحَيَاةُ ٱلدُّنْيَا فِي ٱلآخِرَةِ } أي في جنبها. { إِلاَّ مَتَاعٌ } أي متاع من الأمتعة، كالقَصْعة والسُّكُرُّجَة. وقال مجاهد: شيء قليل ذاهب؛ من مَتَعَ النهارُ إذا ارتفع، فلا بدّ له من زوال. ٱبن عباس: زَادٌ كزاد الراعي. وقيل: متاع الحياة الدنيا ما يُستمتع بها منها. وقيل: ما يتزود منها إلى الآخرة، من التقوى والعمل الصالح، «وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ» ثم ٱبتدأ. «اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ» أي يوسّع ويضيّق.