التفاسير

< >
عرض

وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِٱلسَّيِّئَةِ قَبْلَ ٱلْحَسَنَةِ وَقَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِمُ ٱلْمَثُلاَتُ وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِّلنَّاسِ عَلَىٰ ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ ٱلْعِقَابِ
٦
وَيَقُولُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْلاۤ أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ إِنَّمَآ أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ
٧
-الرعد

الجامع لاحكام القرآن

قوله تعالى: { وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِٱلسَّيِّئَةِ قَبْلَ ٱلْحَسَنَةِ } أي لفرط إنكارهم وتكذيبهم يطلبون العذاب؛ قيل هو قولهم: { { ٱللَّهُمَّ إِن كَانَ هَـٰذَا هُوَ ٱلْحَقَّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ ٱلسَّمَآء } [الأنفال: 32]. قال قتادة: طلبوا العقوبة قبل العافية؛ وقد حكم سبحانه بتأخير العقوبة عن هذه الأمة إلى يوم القيامة. وقيل: «قَبْلَ الْحَسَنَةِ» أي قبل الإيمان الذي يرجى به الأمان والحسنات. و{ ٱلْمَثُلاَتُ } العقوبات؛ الواحدة مَثُلَة. ورُوي عن الأعمش أنه قرأ «المُثْلاَت» بضم الميم وإسكان الثاء؛ وهذا جمع مُثْلَة، ويجوز «المَثْلاَت» تبدل من الضمة فتحة لثقلِها، وقيل: يُؤْتى بالفتحة عِوَضاً من الهاء. وروي عن ٱلأعمش أنه قرأ «ٱلْمَثْلاَت» بفتح الميم وإسكان الثاء؛ فهذا جمع مُثْلة، ثم حَذف الضمة لثقلها؛ ذكره جميعه النحاسرحمه الله . وعلى قراءة الجماعة واحدة مَثُلة، نحو صَدُقة (وصُدْقَة)؛ وتميم تضم الثاء وٱلميم جميعاً، واحدها على لغتهم مُثْلة، بضم الميم وجزم الثاء؛ مثل: غُرْفة وغُرُفات؛ والفعل منه مَثَلْتُ به أَمْثُلُ مَثْلا، بفتح الميم وسكون الثاء. { وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ } أي لذو تجاوز عن المشركين إذا آمنوا، وعن المذنبين إذا تابوا. وقال ٱبن عباس: أرجى آية في كتاب الله تعالى { وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِّلنَّاسِ عَلَىٰ ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ ٱلْعِقَابِ } إذا أصروا على الكفر. وروى حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن سعيد بن المسيب قال: لما نزلت: «وإن ربك لذو مغفرةٍ للناس على ظلمهم وإن ربك لشديد العقاب» قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لولا عفو الله ورحمته وتجاوزه لما هَنَأَ أحداً عيشٌ ولولا عقابه ووعيده وعذابه لاتَّكَل كل أحد" .

قوله تعالى: { وَيَقُولُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْلاۤ } أي هلا { أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ } لما ٱقترحوا الآيات وطلبوها قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: { إِنَّمَآ أَنتَ مُنذِرٌ } أي مُعْلِم. { وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ } أي نبيّ يدعوهم إلى الله. وقيل: الهادي الله؛ أي عليك الإنذار، والله هادي كل قوم إن أراد هدايتهم.