التفاسير

< >
عرض

وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ عِندَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ
٢١
-الحجر

الجامع لاحكام القرآن

قوله تعالى: { وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ عِندَنَا خَزَائِنُهُ } أي وإن من شيء من أرزاق الخلق ومنافعهم إلا عندنا خزائنه؛ يعني المطر المنزل من السماء، لأن به نبات كل شيء. قال الحسن: المطر خزائن كل شيء. وقيل: الخزائن المفاتيح، أي في السماء مفاتيح الأرزاق؛ قاله الكلبي. والمعنى واحد. { وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ } أي ولكن لا ننزله إلا على حسب مشيئتنا وعلى حسب حاجة الخلق إليه؛ كما قال: { وَلَوْ بَسَطَ ٱللَّهُ ٱلرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْاْ فِي ٱلأَرْضِ وَلَـٰكِن يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَّا يَشَآءُ } [الشورى: 27]. وروي عن ابن مسعود والحكم بن عُتيبة وغيرِهما أنه ليس عام أكثر مطراً من عام، ولكن الله يقسمه كيف شاء، فيُمْطَر قوم ويحرم آخرون، وربما كان المطر في البحار والقِفار. والخزائن جمع الخزانة، وهو الموضع الذي يستر فيه الإنسان ماله. والخِزانة أيضاً مصدر خَزَن يَخْزُن. وما كان في خِزانة الإنسان كان مُعَدًّا له. فكذلك ما يقدر عليه الرب فكأنه مُعَدٌّ عنده؛ قاله القشيري. وروى جعفر بن محمد عن أبيه عن جدّه أنه قال: في العرش مثال كل شيء خلقه الله في البر والبحر. وهو تأويل قوله تعالى: «وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ». والإنزال بمعنى الإنشاء والإيجاد؛ كقوله: { { وَأَنزَلَ لَكُمْ مِّنَ ٱلأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ } [الزمر: 6] وقوله: { { وَأَنزْلْنَا ٱلْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيد } [الحديد: 25]. وقيل: الإنزال بمعنى الإعطاء، وسماه إنزالاً لأن أحكام الله إنما تنزل من السماء.