قوله تعالى: {وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ مِن دَآبَّةٍ} أي من كل ما يدِب على الأرض. {وَٱلْمَلاۤئِكَةُ} يعني الملائكة الذين في الأرض، وإنما أفردهم بالذكر لاختصاصهم بشرف المنزلة، فميّزهم من صفة الدبيب بالذكر وإن دخلوا فيها؛ كقوله:
{ فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ } [الرحمن: 68]. وقيل: لخروجهم من جملة ما يدِبّ لما جعل الله لهم من الأجنحة، فلم يدخلوا في الجملة فلذلك ذكروا. وقيل: أراد «ولله يسجد ما في السموات» من الملائكة والشمس والقمر والنجوم والرياح والسحاب، «وما في الأرض من دابة» وتسجد ملائكة الأرض. {وَهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ} عن عبادة ربهم. وهذا ردّ على قريش حيث زعموا أن الملائكة بنات الله. ومعنى {يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِّن فَوْقِهِمْ} أي عقاب ربهم وعذابه، لأن العذاب المهلك إنما ينزل من السماء. وقيل: المعنى يخافون قدرة ربهم التي هي فوق قدرتهم؛ ففي الكلام حذف. وقيل: معنى «يخافون ربهم من فوقهم» يعني الملائكة، يخافون ربهم وهي من فوق ما في الأرض من دابة ومع ذلك يخافون؛ فلأن يخاف مَن دونهم أولى؛ دليل هذا القول قوله تعالى: {وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} يعني الملائكة.