التفاسير

< >
عرض

وَلاَ تَتَّخِذُوۤاْ أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِهَا وَتَذُوقُواْ ٱلْسُّوۤءَ بِمَا صَدَدتُّمْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ وَلَكُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ
٩٤
-النحل

الجامع لاحكام القرآن

قوله تعالى: { وَلاَ تَتَّخِذُوۤاْ أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ } كرر ذلك تأكيداً. { فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِهَا } مبالغة في النهي عنه لعظم موقعه في الدِّين وتردده في معاشرات الناس؛ أي لا تعقِدوا الأيمان بالانطواء على الخديعة والفساد فتزِل قدم بعد ثبوتها، أي عن الأيمان بعد المعرفة بالله. وهذه استعارة للمستقيم الحال يقع في شر عظيم ويسقط فيه؛ لأن القدم إذا زلّت نقلت الإنسان من حال خير إلى حال شر؛ ومن هذا المعنى قول كُثَيّر:

فلمـا توافينـا ثَبَتُّ وَزَلّـتِ

والعرب تقول لكل مبتلًى بعد عافية أو ساقط في وَرْطة: زلّت قدمه؛ كقول الشاعر:

سَيُمَنُع منك السبقُ إن كنتَ سابقاوتقتل إن زلّت بك القدمان

ويقال لمن أخطأ في شيء: زلّ فيه. ثم توعّد تعالى بعدُ بعذاب في الدنيا وعذاب عظيم في الآخرة. وهذا الوعيد إنما هو فيمن نقض عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فإن من عاهده ثم نقض عهده خرج عن الإيمان، ولهذا قال: { وَتَذُوقُواْ ٱلْسُّوۤءَ بِمَا صَدَدتُّمْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ } أي بصدّكم. وذَوْقُ السوء في الدنيا هو ما يحل بهم من المكروه.