التفاسير

< >
عرض

وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً
٧٤
إِذاً لأذَقْنَاكَ ضِعْفَ ٱلْحَيَاةِ وَضِعْفَ ٱلْمَمَاتِ ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيراً
٧٥
-الإسراء

الجامع لاحكام القرآن

قوله تعالى: { وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَاكَ } أي على الحق وعصمناك من موافقتهم. { لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ } أي تميل. { شَيْئاً قَلِيلاً } أي ركونا قليلا. قال قتادة: لما نزلت هذه الآية قال عليه السلام: "اللَّهُمَّ لا تكلني إلى نفسي طرفة عين" . وقيل: ظاهر الخطاب للنبيّ صلى الله عليه وسلم وباطنه إخبار عن ثقيف. والمعنى: وإن كادوا ليركنونك، أي كادوا يخبرون عنك بأنك مِلتَ إلى قولهم؛ فنسب فعلهم إليه مجازاً واتساعاً؛ كما تقول لرجل: كدت تقتل نفسك، أي كاد الناس يقتلونك بسبب ما فعلت، ذكره المهدَويّ. وقيل: ما كان منه هَمٌّ بالركون إليهم، بل المعنى: ولولا فضل الله عليك لكان منك مَيل إلى موافقتهم، ولكن تمّ فضل الله عليك فلم تفعل؛ ذكره القشيري. وقال ابن عباس: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم معصوماً، ولكن هذا تعريف للأمة لئلا يركن أحد منهم إلى المشركين في شيء من أحكام الله تعالى وشرائعه.

وقوله: { إِذاً لأذَقْنَاكَ ضِعْفَ ٱلْحَيَاةِ وَضِعْفَ ٱلْمَمَاتِ } أي لو ركنت لأذقناك مثلي عذاب الحياة في الدنيا ومثلي عذاب الممات في الآخرة، قاله ابن عباس ومجاهد وغيرهما. وهذا غاية الوعيد. وكلما كانت الدرجة أعلى كان العذاب عند المخالفة أعظم. قال الله تعالى: { يٰنِسَآءَ ٱلنَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا ٱلْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ } وضعف الشيء مثله مرتين؛ وقد يكون الضِّعف النصيب؛ كقوله عز وجل: «لكلٍّ ضِعفٌ» أي نصيب. وقد تقدّم في الأعراف.