قوله تعالى: { أَوَكُلَّمَا عَاهَدُواْ عَهْداً } الواو واو العطف، دخلت عليها ألف الاستفهام كما تدخل على الفاء في قوله:
{ أَفَحُكْمَ ٱلْجَاهِلِيَّةِ } [المائدة:50]، { أَفَأَنتَ تُسْمِعُ ٱلصُّمَّ } [يونس: 42]، { أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ } [الكهف: 50]. وعلى ثُمّ كقوله: { أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ } [يونس: 51] هذا قول سيبويه. وقال الأخفش: الواو زائدة. ومذهب الكسائي أنها أو، حُرّكت الواو منها تسهيلاً. وقرأها قوم أوْ، ساكنة الواو فتجيء بمعنى بل؛ كما يقول القائل: لأضربنك؛ فيقول المجيب: أو يكفي الله. قال ٱبن عطية: وهذا كله متكلّف؛ والصحيح قول سيبويه. «كلما» نصب على الظرف؛ والمَعْنّي في الآية مالك بن الصّيف، ويقال فيه ٱبن الضيف؛ كان قد قال: والله ما أخذ علينا عهدٌ في كتابنا أن نؤمن بمحمد ولا ميثاق؛ فنزلت الآية. وقيل: إن اليهود عاهدوا لئن خرج محمد لنؤمنن به ولنكونن معه على مشركي العرب؛ فلما بُعث كفروا به. وقال عطاء: هي العهود التي كانت بين النبيّ صلى الله عليه وسلم وبين اليهود فنقضوها، كفعل قُريظة والنَّضير؛ دليله قوله تعالى: { { ٱلَّذِينَ عَاهَدْتَّ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لاَ يَتَّقُونَ } [الأنفال: 56]. قوله تعالى: { نَّبَذَهُ فَرِيقٌ مِّنْهُم } النبذ: الطرح والإلقاء؛ ومنه النَّبيذ والمنبوذ، قال أبو الأسْود:وخبّرني مَن كنت أرسلتُ إنماأخذتَ كتابي معرضاً بشمالكا
نظرتَ إلى عنوانه فنبذتَهكنبذك نعلاً أخلقتْ من نعالكا
آخر:إن الذين أمرتهم أن يعدلوانبذوا كتابك وٱستحلّوا المَحْرَمَا
وهذا مَثَل يُضَرب لمن ٱستخفّ بالشيء فلا يعمل به؛ تقول العرب: ٱجعل هذا خَلْفَ ظهرك، ودَبْراً منك، وتحت قدمك؛ أي ٱتركه وأعرض عنه؛ قال الله تعالى: { { وَٱتَّخَذْتُمُوهُ وَرَآءَكُمْ ظِهْرِيّاً } [هود: 92]. وأنشد الفراء:تَميمُ بنُ زيد لا تكوننّ حاجتيبظَهْرٍ فلا يَعْيَا عليّ جوابُها
{ بَلْ أَكْثَرُهُمْ } ابتداء. { لاَ يُؤْمِنُونَ } فعل مستقبل في موضع الخبر.