التفاسير

< >
عرض

يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ ٱلْقِصَاصُ فِي ٱلْقَتْلَى ٱلْحُرُّ بِالْحُرِّ وَٱلْعَبْدُ بِٱلْعَبْدِ وَٱلأُنثَىٰ بِٱلأُنْثَىٰ فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَٱتِّبَاعٌ بِٱلْمَعْرُوفِ وَأَدَآءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذٰلِكَ تَخْفِيفٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ ٱعْتَدَىٰ بَعْدَ ذٰلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ
١٧٨
-البقرة

الجامع لاحكام القرآن

فيه سبع عشرة مسألة:

الأولى: روى البخاري والنسائي والدَّارقُطْني عن ٱبن عباس قال: «كان في بني إسرائيل القصاص ولم تكن فيهم الديّة؛ فقال الله لهذه الأمة: { كُتِبَ عَلَيْكُمُ ٱلْقِصَاصُ فِي ٱلْقَتْلَى ٱلْحُرُّ بِالْحُرِّ وَٱلْعَبْدُ بِٱلْعَبْدِ وَٱلأُنثَىٰ بِٱلأُنْثَىٰ فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ } فالعَفْوُ أن يقبل الدية في العمد { فَٱتِّبَاعٌ بِٱلْمَعْرُوفِ وَأَدَآءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ } يَتّبع بالمعروف ويؤدي بإحسان { ذٰلِكَ تَخْفِيفٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ } مما كتب على من كان قبلكم { فَمَنِ ٱعْتَدَىٰ بَعْدَ ذٰلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ } قتل بعد قبول الدية. هذا لفظ البخاري: حدّثنا الحميدي حدّثنا سفيان حدّثنا عمرو (قال) سمعت مجاهداً (قال) سمعت ٱبن عباس (يقول). وقال الشعبي في قوله تعالى: { ٱلْحُرُّ بِالْحُرِّ وَٱلْعَبْدُ بِٱلْعَبْدِ وَٱلأُنثَىٰ بِٱلأُنْثَىٰ } قال: أنزلت في قبيلتين من قبائل العرب ٱقتتلتا فقالوا؛ نقتل بعبدنا فلان بن فلان، وبأَمَتِنا فلانة بنت فلان؛ ونحوه عن قتادة.

الثانية: قوله تعالى: { كُتِبَ عَلَيْكُمُ ٱلْقِصَاصُ } «كُتب» معناه فُرض وأُثبت؛ ومنه قول عمر بن أبي ربيعة:

كُتب القتل والقتال عليناوعلى الغانيات جَرّ الذّيول

وقد قيل: إن «كُتب» هنا إخبار عما كُتب في اللوح المحفوظ وسبق به القضاء. والقصاص مأخوذ من قَصّ الأثر وهو ٱتباعه؛ ومنه القاصّ لأنه يتبع الآثار والأخبار. وقصّ الشعر ٱتباع أثره؛ فكأن القاتل سلك طريقاً من القتل فقُصّ أثره فيها ومشى على سبيله في ذلك؛ ومنه { فَٱرْتَدَّا عَلَىٰ آثَارِهِمَا قَصَصاً } [الكهف: 64]. وقيل: القّص القطع؛ يقال: قصصت ما بينهما. ومنه أخذ القِصاص؛ لأنه يجرحه مثل جرحه أو يقتله به؛ يقال: أقصّ الحاكمُ فلاناً من فلان وأباءه به فأمثله فٱمتثل منه؛ أي ٱقتص منه.

الثالثة: صورة القِصاص هو أن القاتل فُرض عليه إذا أراد الوليّ القتل الاستسلامُ لأمر الله والانقيادُ لقصاصه المشروع، وأن الوليُّ فُرض عليه الوقوف عند قاتل وليّه وترك التعدّي على غيره؛ كما كانت العرب تتعدّى فتقتل غير القاتل؛ وهو معنى قوله عليه السلام: "إنّ مِن أعْتَى الناس على الله يوم القيامة ثلاثة رجلٌ قتل غير قاتله ورجل قتل في الحَرَم ورجل أخذ بذحول الجاهلية" . قال الشعبي وقتادة وغيرهما: إن أهل الجاهلية كان فيهم بغي وطاعة للشيطان؛ فكان الحيّ إذا كان فيه عزّ ومنَعَة فقُتل لهم عبد؛ قتله عبد قوم آخرين قالوا: لا نقتل به إلا حُرًّا، وإذا قُتلت منهم ٱمرأة قالوا: لا نقتل بها إلا رجلاً، وإذا قُتل لهم وضيع قالوا: لا نقتل به إلا شريفاً؛ ويقولون: «القتل أَوْقَى للقتل» بالواو والقاف، ويروى «أبقى» بالباء والقاف، ويروى «أنفى» بالنون والفاء؛ فنهاهم الله عن البغي فقال: { كُتِبَ عَلَيْكُمُ ٱلْقِصَاصُ فِي ٱلْقَتْلَى ٱلْحُرُّ بِالْحُرِّ وَٱلْعَبْدُ بِٱلْعَبْدِ } الآية، وقال { وَلَكُمْ فِي ٱلْقِصَاصِ حَيَاةٌ } [البقرة: 179]. وبين الكلامين في الفصاحة والجَزْل بَوْنٌ عظيم.

الرابعة: لا خلاف أن القصاص في القتل لا يقيمه إلا أولو الأمر، فرض عليهم النهوض بالقصاص وإقامة الحدود وغير ذلك؛ لأن الله سبحانه خاطب جميع المؤمنين بالقصاص، ثم لا يتهيأ للمؤمنين جميعاً أن يجتمعوا على القصاص؛ فأقاموا السلطان مقام أنفسهم في إقامة القصاص وغيره من الحدود. وليس القصاص بلازم إنما اللازم ألاّ يتجاوز القصاص وغيره من الحدود إلى الاعتداء؛ فأما إذا وقع الرضا بدون القصاص من دِيَة أو عَفْو فذلك مباح، على ما يأتي بيانه.

فإن قيل: فإن قوله تعالى: { كُتِبَ عَلَيْكُمُ } معناه فُرض وألزم؛ فكيف يكون القصاص غير واجب؟ قيل له: معناه إذا أردتم؛ فأعلم أن القصاص هو الغاية عند التشاحِّ. والقتلى جمع قتيل، لفظ مؤنث تأنيث الجماعة، وهو مما يدخل على الناس كرها؛ فلذلك جاء على هذا البناء كجرحى وزمنى وحمقى وصرعى وغرقى؛ وشبههن.

الخامسة: قوله تعالى: { ٱلْحُرُّ بِالْحُرِّ وَٱلْعَبْدُ بِٱلْعَبْدِ وَٱلأُنثَىٰ بِٱلأُنْثَىٰ } الآية. ٱختلف في تأويلها؛ فقالت طائفة: جاءت الآية مبينة لحكم النوع إذا قتل نوعه؛ فبينت حكم الحرّ إذا قَتل حُرًّا، والعبد إذا قتل عبداً، والأنثى إذا قَتلت أنثى، ولم تتعرّض لأحد النوعين إذا قتل الآخر؛ فالآية مُحْكَمة وفيها إجمال يبيّنه قوله تعالى: { وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَآ أَنَّ ٱلنَّفْسَ بِٱلنَّفْسِ } [المائدة: 45]، وبيّنه النبيّ صلى الله عليه وسلم بسُنّته لما قتل اليهوديّ بالمرأة؛ قاله مجاهد، وذكره أبو عبيد عن ٱبن عباس. وروي عن ٱبن عباس أيضاً أنها منسوخة بآية «المائدة» وهو قول أهل العراق.

السادسة: قال الكوفيون والثوري: يُقتل الحر بالعبد، والمسلمُ بالذمي؛ وٱحتجوا بقوله تعالى: { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ ٱلْقِصَاصُ فِي ٱلْقَتْلَى } فعمّ، وقوله: { وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَآ أَنَّ ٱلنَّفْسَ بِٱلنَّفْسِ } [المائدة: 45]، قالوا: والذّمِّي مع المسلم متساويان في الحُرمة التي تكفي في القصاص وهي حُرمة الدم الثابتة على التأبيد؛ فإن الذّمي مَحْقُون الدّم على التأبيد، والمسلم كذلك، وكلاهما قد صار من أهل دار الإسلام؛ والذي يحقق ذلك أن المسلم يُقطع بسرقة مال الذميّ، وهذا يدلّ على أن مال الذميّ قد ساوى مال المسلم؛ فدل على مساواته لدمه إذ المال إنما يحرم بحرمة مالكه. وٱتفق أبو حنيفة وأصحابه والثوريّ وٱبن أبي ليلى على أن الحر يُقتل بالعبد كما يُقتل العبد به؛ وهو قول داود، وروي ذلك عن عليّ وٱبن مسعود رضي الله عنهما، وبه قال سعيد بن المسيّب وقتادة وإبراهيم النَّخعِي والحكم بن عُيينة. والجمهور من العلماء لا يقتلون الحرّ بالعبد؛ للتنويع والتقسيم في الآية. وقال أبو ثور: لما ٱتفق جميعهم على أنه لا قصاص بين العبيد والأحرار فيما دون النفوس كانت النفوس أحْرَى بذلك، ومَن فرّق منهم بين ذلك فقد ناقض. وأيضاً فالإجماع فيمن قتل عبداً خطأ أنه ليس عليه إلا القيمة، فكما لم يشبه الحرّ في الخطأ لم يشبهه في العمد. وأيضاً فإن العبد سلعة من السلع يباع ويشترى، ويتصرّف فيه الحرّ كيف شاء، فلا مساواة بينه وبين الحرّ ولا مقاومة.

قلت: هذا الإجماع صحيح، وأما قوله أوّلاً: «ولما ٱتفق جميعهم ـ إلى قوله ـ فقد ناقض» فقد قال ٱبن أبي ليلى وداود بالقصاص بين الأحرار والعبيد في النفس وفي جميع الأعضاء، وٱستدل داود بقوله عليه السلام: "المسلمون تتكافأ دماؤهم" فلم يفرّق بين حُرّ وعبد. وسيأتي بيانه في «النساء» إن شاء الله تعالى.

السابعة: والجمهور أيضاً على أنه لا يُقتل مسلم بكافر؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا يُقتل مسلم بكافر" أخرجه البخاريّ عن عليّ بن أبي طالب. ولا يصحّ لهم ما روَوْه من حديث ربيعة: أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قَتل يوم خَيْبَر مسلماً بكافر؛ لأنه منقطع. ومن حديث ٱبن البَيْلَمَانيّ وهو ضعيف عن ٱبن عمر عن النبيّ صلى الله عليه وسلم مرفوعاً. قال الدَّارَقُطْني: «لم يسنده غير إبراهيم بن أبي يحيى وهو متروك الحديث. والصواب عن ربيعة عن ٱبن البَيْلَمانيّ مرسَل عن النبيّ صلى الله عليه وسلم، وٱبن البَيْلَمَانيّ ضعيف الحديث لا تقوم به حجة إذا وصل الحديث، فكيف بما يرسله».

قلت: فلا يصح في الباب إلا حديث البخاريّ، وهو يخصص عموم قوله تعالى: { كُتِبَ عَلَيْكُمُ ٱلْقِصَاصُ فِي ٱلْقَتْلَى } الآية، وعموم قوله: { { ٱلنَّفْسَ بِٱلنَّفْسِ } [المائدة: 45] الثامنة: رُوي عن عليّ بن أبي طالب والحسن بن أبي الحسن البصريّ أن الآية نزلت مبّينة حكم المذكورين، ليدل ذلك على الفرق بينهم وبين أن يَقتل حرّ عبداً أو عبدٌ حراًّ، أو ذكرٌ أنثى أو أنثى ذكراً، وقالا: إذا قتل رجلٌ ٱمرأة فإن أراد أولياؤها قتلوا صاحبهم ووفّوا أولياءه نصف الدية، وإن أرادوا ٱستحيَوْه وأخذوا منه دِيَة المرأة. وإذا قتلت ٱمرأةٌ رجلاً فإن أراد أولياؤه قتْلها قتلوها وأخذوا نصف الدّية، وإلا أخذوا دِية صاحبهم وٱستحيَوْها. روى هذا الشعبي عن عليّ، ولا يصح؛ لأن الشعبيّ لم يلق علياً. وقد روى الحَكَم عن عليّ وعبد اللَّه قالا: إذا قتل الرجلُ المرأة متعمّداً فهو بها قَوَدٌ؛ وهذا يعارض رواية الشعبيّ عن عليّ. وأجمع العلماء على أن الأعور والأَشَلّ إذا قتل رجلاً سالم الأعضاء أنه ليس لوليّه أن يقتل الأعور، ويأخذ منه نصف الدّية من أجل أنه قتل ذا عينين وهو أعور، وقَتَل ذا يَدَيْن وهو أشلّ؛ فهذا يدلّ على أن النفس مكافئة للنفس، ويكافىء الطفل فيها الكبير.

ويقال لقائل ذلك: إن كان الرجل لا تكافئه المرأة ولا تدخل تحت قول النبيّ صلى الله عليه وسلم: "المسلمون تتكافأ دماؤهم" فلِم قتلت الرجل بها وهي لا تكافئه ثم تأخذ نصف الدّية، والعلماء قد أجمعوا أن الدّية لا تجتمع مع القصاص، وأن الدّية إذا قُبلت حَرُم الدم وٱرتفع القصاص؛ فليس قولك هذا بأصل ولا قياس، قاله أبو عمر رضي الله عنه. وإذا قتل الحرُّ العبدَ، فإن أراد سيّد العبد قَتل وأعطى دِية الحرّ إلا قيمة العبد، وإن شاء ٱستحيا وأخذ قيمة العبد؛ هذا مذكور عن عليّ والحسن؛ وقد أنكر ذلك عنهم أيضاً.

التاسعة: وأجمع العلماء على قتل الرجل بالمرأة والمرأة بالرجل؛ والجمهور لا يروْن الرجوع بشيء. وفرقة ترى الاتباع بفضل الدّيات. قال مالك والشافعي وأحمد وإسحٰق والثوريّ وأبو ثور: وكذلك القصاص بينهما فيما دون النفس. وقال حماد بن أبي سليمان وأبو حنيفة: لا قصاص بينهما فيما دون النفس بالنفس وإنما هو في النفس بالنفس؛ وهما محجوجان بإلحاق ما دون النفس بالنفس على طريق الأحرى والأوْلى، على ما تقدّم.

العاشرة: قال ٱبن العربي: «ولقد بلغت الجهالة بأقوام إلى أن قالوا: يُقتل الحرّ بعبد نفسه، وروَوْا في ذلك حديثاً عن الحسن عن سَمُرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من قتل عبده قتلناه" وهو حديث ضعيف. ودليلنا قوله تعالى: { وَمَن قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلاَ يُسْرِف فِّي ٱلْقَتْلِ } [الإسراء: 33] والوَليّ ها هنا السّيد؛ فكيف يجعل له سلطان على نفسه. وقد ٱتفق الجميع على أن السّيد لو قتل عبده خطأ أنه لا تؤخذ منه قيمته لبيت المال؛ وقد روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه: أن رجلاً قتل عبده متعمِّداً فجلده النبيّ صلى الله عليه وسلم ونفاه سَنَةً ومَحَا سهمه من المسلمين ولم يُقِده به.

فإن قيل: فإذا قتل الرجل زوجته لِمَ لَمْ تقولوا: ينصب النكاح شبهة في درء القصاص عن الزوج، إذ النكاح ضرب من الرّق، وقد قال ذلك اللّيث بن سعد. قلنا: النكاح ينعقد لها عليه، كما ينعقد له عليها؛ بدليل أنه لا يتزوج أختها ولا أربعاً سواها، وتطالبه في حق الوطء بما يطالبها، ولكن له عليها فضل القَوَامة التي جعل الله له عليها بما أنفق من ماله؛ أي بما وجب عليه من صداق ونفقة؛ فلو أورث شبهة لأورثها في الجانبين.

قلت: هذا الحديث الذي ضعّفه ٱبن العربي وهو صحيح، أخرجه النسائي وأبو داود، وتتميم مَتْنه: "ومَن جدعه جدعناه ومن أخصاه أخصيناه" . وقال البخاري عن عليّ بن المديني: سماع الحسن من سَمُرة صحيح؛ وأخذ بهذا الحديث. وقال البخاري: وأنا أذهب إليه؛ فلو لم يصح الحديث لما ذهب إليه هذان الإمامان، وحَسْبُك بهما! ويُقتل الحرُّ بعبد نفسه. قال النَّخَعيّ والثّوريّ في أحد قوليه وقد قيل: إن الحسن لم يسمع من سَمُرة إلا حديث العَقِيقة؛ والله أعلم. (وٱختلفوا في القصاص بين العبيد فيما دون النفس؛ هذا قول عمر بن عبد العزيز وسالم بن عبد اللَّه والزُّهري وقُرّان ومالك والشافعي وأبو ثور. وقال الشعبيّ والنَّخَعِيّ والثَّوْرِيّ وأبو حنيفة: لا قصاص بينهم إلا في النفس. قال ٱبن المنذر: الأوّل أصح).

الحادية عشرة: روى الدَّارَقُطْنِي وأبو عيسى الترمذي عن سُرَاقة بن مالك قال: حضرت رسول الله صلى الله عليه وسلم يُقِيد الأب من ٱبنه، ولا يُقِيد الابن من أبيه. قال أبو عيسى: «هذا حديث لا نعرفه من حديث سُراقة إلا من هذا الوجه، وليس إسناده بصحيح، رواه إسماعيل بن عيّاش عن المُثَنّى بن الصباح، والمُثَنّى يُضعَّف في الحديث، وقد روى هذا الحديث أبو خالد الأحمر عن الحجاج عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه عن عمر عن النبيّ صلى الله عليه وسلم. وقد رُوِيَ هذا الحديث عن عمرو بن شعيب مرسلاً، وهذا الحديث فيه ٱضطراب؛ والعمل على هذا عند أهل العلم أن الأب إذا قَتل ٱبنه لا يُقتل به، وإذا قذفه لا يُحدّ». وقال ٱبن المنذر: ٱختلف أهل العلم في الرجل يقتل ٱبنه عمداً؛ فقالت طائفة: لا قَوَدَ عليه وعليه دِيَتُه؛ وهذا قول الشافعي وأحمد وإسحاق وأصحاب الرأي، ورُوي ذلك عن عطاء ومجاهد. وقال مالك وٱبن نافع وٱبن عبد الحكم: يُقتل به. وقال ٱبن المنذر: وبهذا نقول لظاهر الكتاب والسُّنة؛ فأمّا ظاهر الكتاب فقوله تعالى: { كُتِبَ عَلَيْكُمُ ٱلْقِصَاصُ فِي ٱلْقَتْلَى ٱلْحُرُّ بِالْحُرِّ وَٱلْعَبْدُ بِٱلْعَبْدِ }، والثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المؤمنون تتكافأ دماؤهم" ولا نعلم خبراً ثابتاً يجب به ٱستثناء الأب من جملة الآية. وقد رَوَيْنَا فيه أخباراً غير ثابتة. وحكى الكِيَا الطبري عن عثمان البَتِّي أنه يُقتل الوالد بولده؛ للعمومات في القصاص. ورُوي مثل ذلك عن مالك، ولعلهما لا يقبلان أخبار الآحاد في مقابلة عمومات القرآن.

قلت: لا خلاف في مذهب مالك أنه إذا قتل الرجل ٱبنه متعمِّداً مثل أن يُضْجِعَه ويذبحه أو يَصْبِره مما لا عذر له فيه ولا شبهة في ٱدعاء الخطأ، أنه يُقتل به قولاً واحداً. فأما إن رماه بالسلاح أدباً أو حَنَقاً فقتله، ففيه في المذهب قولان: يُقتل به، ولا يُقتل به وتُغَلّظ الدِّية؛ وبه قال جماعة العلماء. ويُقتل الأجنبيّ بمثل هذا. ٱبن العربي: «سمعت شيخنا فخر الإسلام الشاشي يقول في النّظر: لا يُقتل الأب بٱبنه؛ لأن الأب كان سبب وجوده، فكيف يكون هو سبب عدمه؟ وهذا يبطل بما إذا زنى بٱبنته فإنه يُرجم، وكان سبب وجودها وتكون هي سبب عدمه؛ (ثم أيّ فقه تحت هذا، ولم لا يكون سبب عدمه إذا عصى الله تعالى في ذلك). وقد أَثَرُوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا يقاد الوالد بولده" وهو حديث باطل، ومتعلِّقهم أن عمر رضي الله عنه قضى بالدِّية مغلّظة في قاتل ٱبنه ولم ينكر أحد من الصحابة عليه، فأخذ سائر الفقهاء رضي الله عنهم المسألة مُسْجَلة، [وقالوا: لا يُقتل الوالد بولده]؛ وأخذها مالك محكمة مفصّلة فقال: إنه لو حذفه بالسيف وهذه حالة محتملة لقصد القتل وعدمه، وشفقة الأبوة شُبهة منتصبة شاهدة بعدم القصد إلى القتل تُسقط القَوَد، فإذا أضجعه كشف الغطاء عن قصده فٱلتحق بأصله». قال ٱبن المنذر: وكان مالك والشافعيّ وأحمد وإسحٰق يقولون: إذا قتل الابنُ الأب قُتل به.

الثانية عشرة: وقد ٱستدلّ الإمام أحمد بن حنبل بهذه الآية على قوله: لا تُقتل الجماعة بالواحد، قال: لأن الله سبحانه شرط المساواة ولا مساواة بين الجماعة والواحد. وقد قال تعالى: { { وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَآ أَنَّ ٱلنَّفْسَ بِٱلنَّفْسِ وَٱلْعَيْنَ بِٱلْعَيْنِ } } [المائدة: 45]. والجواب أن المراد بالقصاص في الآية قَتْل مَنْ قَتَل كائناً من كان؛ ردًّا على العرب التي كانت تريد أن تقتل بمن قُتِل من لم يَقتل، وتقتل في مقابلة الواحد مائة؛ ٱفتخاراً وٱستظهاراً بالجاه والمقدرة، فأمر الله سبحانه بالعدل والمساواة، وذلك بأن يُقتل مَن قَتل، وقد قَتل عمر رضي الله عنه سبعةً برجل بصنعاء وقال: لو تمالأ عليه أهلُ صنعاء لقتلتهم به جميعاً. وقَتل عليّ رضي الله عنه الحرورية بعبد اللَّه بن خَباب؛ فإنه توقَّف عن قتالهم حتى يُحدِثُوا، فلما ذبحوا عبد اللَّه بن خَبّاب كما تُذبح الشاة، وأُخبر علي بذلك قال: الله أكبر! نادوهم أن أَخْرِجوا إلينا قاتلَ عبد اللَّه بن خَبّاب؛ فقالوا: كلنا قتله، ثلاث مرات، فقال عليٌّ لأصحابه: دونكم القوم، فما لبث أن قتلهم عليّ وأصحابه. خرّج الحديثين الدَّارَقُطْنِيّ في سُننه. وفي الترمذيّ عن أبي سعيد وأبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لو أن أهل السماء وأهل الأرض ٱشتركوا في دم مؤمن لأكبّهم الله في النار" . وقال فيه: حديث غريب. وأيضاً فلو علم الجماعة أنهم إذا قتلوا الواحد لم يُقتلوا لتعاون الأعداء على قتل أعدائهم بالاشتراك في قتلهم وبلغوا الأمل من التشفِّي، ومراعاة هذه القاعدة أوْلى من مراعاة الألفاظ، والله أعلم. وقال ٱبن المنذر: وقال الزهري وحبيب بن أبي ثابت وٱبن سِيرين: لا يُقتل ٱثنان بواحد. روينا ذلك عن معاذ بن جبل وٱبن الزبير وعبد الملك، قال ٱبن المنذر: وهذا أصح، ولا حجة مع من أباح قتل جماعة بواحد. وقد ثبت عن ٱبن الزبير ما ذكرناه.

الثالثة عشرة: روى الأئمة عن أبي شريح الكعبيّ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألاَ إنكم معشرَ خزاعة قتلتم هذا القتيل من هُذيل وإني عاقله فمن قُتل له بعد مقالتي هذه قتيل فأهله بين خِيرتَيْن أن يأخذوا العقل أو يقتلوا" ، لفظ أبي داود. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. وروي عن أبي شريح الخزاعي عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "من قُتل له قتيل فله أن يقتل أو يعفو أو يأخذ الدية" . وذهب إلى هذا بعض أهل العلم، وهو قول أحمد وإسحٰق.

الرابعة عشرة: ٱختلف أهل العلم في أخذ الدّية من قاتل العمد، فقالت طائفة: وَليُّ المقتول بالخيار إن شاء ٱقتص وإن شاء أخذ الدية وإن لم يرض القاتل. يُروى هذا عن سعيد بن المسيّب وعطاء والحسن، ورواه أشهب عن مالك، وبه قال الليث والأوزاعي والشافعي وأحمد وإسحٰق وأبو ثور. وحجتهم حديث أبي شريح وما كان في معناه، وهو نص في موضع الخلاف؛ وأيضاً من طريق النظر فإنما لزمته الدّية بغير رضاه؛ لأن فرضاً عليه إحياء نفسه، وقد قال الله تعالى: { { وَلاَ تَقْتُلُوۤاْ أَنْفُسَكُمْ } [النساء: 29]. وقوله: { فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ } أي ترك له دمه، في أحد التأويلات، ورضي منه بالدّية { فَٱتِّبَاعٌ بِٱلْمَعْرُوفِ } أي فعلى صاحب الدم ٱتباع بالمعروف في المطالبة بالدّية، وعلى القاتل أداء إليه بإحسان، أي من غير مماطلة وتأخير عن الوقت { ذٰلِكَ تَخْفِيفٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ } أي أن من كان قبلنا لم يفرض الله عليهم غير النفس بالنفس؛ فتفضّل الله على هذه الأمة بالدّية إذا رضي بها وليّ الدم؛ على ما يأتي بيانه. وقال آخرون: ليس لوليّ المقتول إلا القصاص، ولا يأخذ الدّية إلا إذا رضي القاتل؛ رواه ٱبن القاسم عن مالك وهو المشهور عنه، وبه قال الثوريّ والكوفيون. وٱحتجوا بحديث أَنَسٍ: في قصة الرُّبَيِّع حين كَسرت ثَنِيّة المرأة؛ رواه الأئمة قالوا: فلما حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقصاص وقال: "القصاص كتاب الله، القصاص كتاب الله" ولم يخيّر المجني عليه بين القصاص والدّية ثبت بذلك أن الذي يجب بكتاب الله وسُنّة رسوله في العمد هو القصاص، والأوّل أصح؛ لحديث أبي شريح المذكور. وروى الرّبيع عن الشافعي قال: أخبرني أبو حنيفة بن سِمَاك بن الفضل الشهابي قال: وحدّثني ٱبن أبي ذئب عن المَقْبَرِيّ عن أبي شريح الكعبي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عامَ الفتح: "مَن قُتل له قتيل فهو بخير النّظريْن إن أحبّ أخذ العقل وإن أحبّ فله القود" . فقال أبو حنيفة: فقلت لابن أبي ذئب: أتأخذ بهذا يا أبا الحارث! فضرب صدري وصاح عليّ صياحاً كثيراً ونال منّي وقال: أحدّثك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقول: تأخذ به! نعم آخذ به، وذلك الفرض عليّ وعلى من سمعه، إن الله عز وجل ثناؤه ٱختار محمداً صلى الله عليه وسلم من الناس فهداهم به وعلى يديه، وٱختار لهم ما ٱختاره له وعلى لسانه؛ فعلى الخلق أن يتّبعوه طائعين أو داخرين، لا مخرج لمسلم من ذلك؛ قال: وما سكت عنّي حتى تمنّيت أن يسكت.

الخامسة عشرة: قوله تعالى: { فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَٱتِّبَاعٌ بِٱلْمَعْرُوفِ وَأَدَآءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ } ٱختلف العلماء في تأويل «مَنْ» و «عُفِيَ» على تأويلات خمس:

أحدها: أن «مَن» يراد بها القاتل، و «عُفِيَ» تتضمّن عافياً هو وليّ الدم، والأخ هو المقتول، و «شَيْءٌ» هو الدّم الذي يُعْفَى عنه ويرجع إلى أخذ الدّية؛ هذا قول ٱبن عباس وقتادة ومجاهد وجماعة من العلماء. والعَفْوُ في هذا القول على بابه الذي هو الترك. والمعنى: أن القاتل إذا عفا عنه وليّ المقتول عن دم مقتوله وأسقط القصاص فإنه يأخذ الدّية ويتبع بالمعروف، ويؤدِّي إليه القاتل بإحسان.

الثاني: وهو قول مالك أن «مَن» يراد به الوليّ «وعُفِيَ» يُسّر، لا على بابها في العفو، والأخ يراد به القاتل، و «شيء» هو الدية، أي أن الوليّ إذا جنح إلى العفو عن القصاص على أخذ الدية فإن القاتل مخيّر بين أن يعطيها أو يسلم نفسه؛ فمرّة تُيَسّر ومرة لا تيسر. وغير مالك يقول: إذا رضي الأولياء بالدّية فلا خيار للقاتل بل تلزمه. وقد رُوي عن مالك هذا القول، ورجّحه كثير من أصحابه. وقال أبو حنيفة: إن معنى «عُفِيَ» بُذِل؛ والعفو في اللغة: البذل؛ ولهذا قال الله تعالى: { خُذِ ٱلْعَفْوَ } أي ما سهل. وقال أبو الأسود الدؤلي:

خُذِي العفو منّي تستديمي مودّتي

وقال صلى الله عليه وسلم: "أوّل الوقت رضوان الله وآخره عفو الله" يعني شهد الله على عباده. فكأنه قال: مَن بُذِل له شيء من الدّية فليقبل. وليتبع بالمعروف. وقال قوم: ولْيُؤَدّ إليه القاتل بإحسان؛ فندبه تعالى إلى أخذ المال إذا سهل ذلك من جهة القاتل، وأخبر أنه تخفيف منه ورحمة؛ كما قال ذلك عقب ذكر القصاص في سورة «المائدة» { فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَّهُ } [المائدة: 45] فندب إلى رحمة العفو والصدقة، وكذلك ندب فيما ذكر في هذه الآية إلى قبول الدّية إذا بذلها الجاني بإعطاء الدّية، ثم أمر الوليّ بٱتباع وأمر الجاني بالأداء بالإحسان.

وقد قال قوم: إن هذه الألفاظ في المعّينين الذين نزلت فيهم الآية كلها وتساقطوا الدّيات فيما بينهم مقاصّة. ومعنى الآية: فمن فضل له من الطائفتين على الأخرى شيء من تلك الدّيات؛ ويكون «عُفِيَ» بمعنى فُضل.

روى سفيان بن حسين بن شوعة عن الشعبيّ قال: كان بين حيّيْن من العرب قتال؛ فقُتل من هؤلاء وهؤلاء. وقال أحد الحيّين: لا نرضى حتى يُقتل بالمرأة الرجلُ وبالرجل المرأةُ؛ فٱرتفعوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال عليه السلام: "القتل سواء" فٱصطلحوا على الدّيات، ففُضّل أحد الحيّين على الآخر؛ فهو قوله: { كُتِبَ عَلَيْكُمُ ٱلْقِصَاصُ فِي ٱلْقَتْلَى } إلى قوله: { فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ } يعني فمن فُضل له على أخيه فضل فليؤدّه بالمعروف؛ فأخبر الشعبي عن السبب في نزول الآية، وذكر سفيان العفو هنا الفضل؛ وهو معنىً يحتمله اللفظ.

وتأويل خامس: وهو قول عليّ رضي الله عنه والحسن في الفضل بين دِيَة الرجل والمرأة والحرّ والعبد، أي من كان له ذلك الفضل فٱتباع بالمعروف؛ و «عُفِي» في هذا الموضع أيضاً بمعنى فُضل.

السادسة عشرة: هذه الآية حضٌّ من الله تعالى على حسن الاقتضاء من الطالب، وحسن القضاء من المؤدّى؛ وهل ذلك على الوجوب أو الندب. فقراءة الرفع تدل على الوجوب؛ لأن المعنى فعليه ٱتباع بالمعروف. قال النحاس: { فَمَنْ عُفِيَ لَهُ } شرطٌ والجواب «فٱتباع» وهو رفع بالابتداء، والتقدير فعليه ٱتباع بالمعروف. ويجوز في غير القرآن «فٱتباعاً، وأداءً» بجعلهما مصدرين. قال ٱبن عطية: وقرأ إبراهيم بن أبي عَبْلَة «فٱتباعاً» بالنصب. والرفع سبيل للواجبات؛ كقوله تعالى: { فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ } [البقرة: 229]. وأما المندوب إليه فيأتي منصوباً؛ كقوله: { فضَرْبَ الرِّقابِ } [محمد: 4] السابعة عشرة: قوله تعالى: { ذٰلِكَ تَخْفِيفٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ } لأن أهل التوراة كان لهم القتل ولم يكن لهم غير ذلك، وأهل الإنجيل كان لهم العفو ولم يكن لهم قَوَدٌ ولا دِيَة؛ فجعل الله تعالى ذلك تخفيفاً لهذه الأمة؛ فمن شاء قَتل، ومن شاء أخذ الدية، ومن شاء عفَا.

قوله تعالى: { فَمَنِ ٱعْتَدَىٰ بَعْدَ ذٰلِكَ فَلَهُ } شَرْط وجوابه؛ أي قتل بعد أخذ الدية وسقوط الدم قاتلَ ولِيّه. { ذٰلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ } قال الحسن: كان الرجل في الجاهلية إذا قتل قتيلاً فرّ إلى قومه فيجيء قومه فيصالحون بالدّية فيقول وَلِيّ المقتول: إني أقبل الدية؛ حتى يأمن القاتل ويخرج، فيقتله ثم يرمي إليهم بالدّية.

وٱختلف العلماء فيمن قَتل بعد أخذ الدية؛ فقال جماعة من العلماء منهم مالك والشافعي: هو كمن قتل ٱبتداء، إن شاء الوليّ قتله وإن شاء عفا عنه وعذابه في الآخرة. وقال قتادة وعكرمة والسُّديّ وغيرهم: عذابه أن يُقتل الْبَتّة، ولا يمكّن الحاكمُ الوليَّ من العفو. وروى أبو داود عن جابر بن عبد اللَّه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لاَ أَعْفَى من قتل بعد أخذ الدّية" . وقال الحسن: عذابه أن يردّ الدّية فقط ويبقى إثمه إلى عذاب الآخرة. وقال عمر بن عبد العزيز: أمره إلى الإمام يصنع فيه ما يرى. وفي سُنن الدّارقُطْنيّ عن أبي شريح الخزاعيّ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من أصيب بدم أو خَبلْ ـ والخَبْلْ عَرَج ـ فهو بالخيار بين إحدى ثلاث فإن أراد الرابعة فخذوا على يديه بين أن يقتصّ أو يعفو أو يأخذ العقل فإن قَبِل شيئاً من ذلك ثم عدا بعد ذلك فله النار خالداً فيها مخلَّداً"