فيه عشر مسائل:
الأولى: قوله تعالى: { ٱلشَّهْرُ ٱلْحَرَامُ } قد تقدّم ٱشتقاق الشهر. وسبب نزولها ما رُوي عن ٱبن عباس وقتادة ومجاهد ومِقْسَم والسُّدّي والربيع والضحاك. وغيرهم قالوا: نزلت في عُمْرة القضيّة وعام الحُدَيْبِيَة، (وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج مُعْتَمِراً حتى بلغ الحديبية) في ذي القعدة سنة ستّ، فصدّه المشركون كفارُ قريش عن البيت فٱنصرف؛ ووعده الله سبحانه أنه سيدخله، فدخله سنة سبع وقضى نُسكه؛ فنزلت هذه الآية. ورُوي عن الحسن
"أن المشركين قالوا للنبيّ صلى الله عليه وسلم: أَنُهِيت يا محمد عن القتال في الشهر الحرام؟ قال: نعم. فأرادوا قتاله؛ فنزلت الآية" . المعنى: إن ٱستحلُّوا ذلك فيه فقاتلهم؛ فأباح الله بالآية مدافعتهم، والقول الأوّل أشهر وعليه الأكثر. الثانية: قوله تعالى: { وَٱلْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ } الحُرُمات جمع حُرْمة، كالظُّلُمات جمع ظُلْمة، والحُجُرات جمع حُجرة. وإنما جُمعت الحُرُمات لأنه أراد (حُرْمة) الشهر الحرام (وحُرْمة) البلد الحرام، وحُرْمة الإحرام. والحُرْمة: ما مُنِعتَ من ٱنتهاكه. والقصاص المساواة؛ أي ٱقتصصت لكم منهم إذ صدّوكم سنة سِتٍّ فقضيتم العُمْرة سنة سبع. فـ { ٱلْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ } على هذا متّصل بما قبله ومتعلّق به. وقيل: هو مقطوع منه. وهو ٱبتداءُ أمرٍ كان في أوّل الإسلام: إن مَن ٱنتهك حُرْمتك نِلت منه مثلَ ما ٱعتدى عليك؛ ثم نسخ ذلك بالقتال. وقالت طائفة: ما تناولت الآية من التعدّي بين أمة محمد صلى الله عليه وسلم والجنايات ونحوها لم يُنسخ، وجاز لمن تُعُدّيَ عليه في مال أو جرح أن يَتعدّى بمثل ما تُعَدِّيَ به عليه إذا خفي له ذلك، وليس بينه وبين الله تعالى في ذلك شيء؛ قاله الشافعي وغيره، وهي رواية في مذهب مالك. وقالت طائفة من أصحاب مالك: ليس ذلك له، وأمور القصاص وَقْفٌ على الحكام. والأموال يتناولها قوله صلى الله عليه وسلم:
"أدّ الأمانة إلى من ائتمنك ولا تَخُن من خانك" . خرّجه الدّارقطنيّ وغيره. فمن ائتمنه من خانه فلا يجوز له أن يخونه ويصل إلى حقه مما ائتمنه عليه، وهو المشهور من المذهب، وبه قال أبو حنيفة تمسُّكاً بهذا الحديث، وقوله تعالى: { { إِنَّ ٱللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ ٱلأَمَانَاتِ إِلَىۤ أَهْلِهَا } [النساء: 58]. وهو قول عطاء الخُراسانِيّ. قال قُدَامة بن الهَيْثَم: سألت عطاء بن مَيْسرة الخراساني فقلت له: لي على رجل حقّ، وقد جَحَدني به وقد أعيا عليّ البيّنة، أفأقتص من ماله؟ قال: أرأيت لو وقع بجاريتك، فعلمت ما كنت صانعاً. قلت: والصحيح جواز ذلك كيف ما توصّل إلى أخذ حقّه ما لم يعدّ سارقاً؛ وهو مذهب الشافعيّ وحكاه الدّاودي عن مالك، وقال به ٱبن المنذر، وٱختاره ٱبن العربي، وأن ذلك ليس خيانة وإنما هو وصول إلى حق. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً" وأخذ الحق من الظالم نَصْرٌ له. "وقال صلى الله عليه وسلم لهِنْد بنت عُتْبة ٱمرأة أبي سُفيان لما قالت له: إن أبا سفيان رجل شَحيح لا يعطيني من النفقة ما يكفيني ويكفي بَنِيّ إلا ما أخذتُ من ماله بغير علمه، هل عليّ جناح؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خُذِي ما يَكفيك ويَكْفِي وَلَدك بالمعروف" . فأباح لها الأخذ وألاّ تأخذ إلا القدر الذي يجب لها. وهذا كله ثابت في الصحيح، وقولُه تعالى: { فَمَنِ ٱعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ فَٱعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا ٱعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ } قاطع في موضع الخلاف. الثالثة: وٱختلفوا إذا ظَفِر له بمال من غير جنس ماله؛ فقيل: لا يأخذ إلا بحُكم الحاكم. وللشافعيّ قولان، أصحهما الأخذ، قياساً على ما لو ظَفِر له من جنس ماله. والقول الثاني لا يأخذ لأنه خلاف الجنس. ومنهم من قال: يتحرّى قيمة ما له عليه ويأخذ مقدار ذلك. وهذا هو الصحيح لما بيّناه من الدليل، والله أعلم.
الرابعة: وإذا فرّعنا على الأخذ فهل يعتبر ما عليه من الديون وغير ذلك؛ فقال الشافعيّ: لا، بل يأخذ ماله عليه. وقال مالك: يعتبر ما يحصل له مع الغرماء في الفلس؛ وهو القياس، والله أعلم.
الخامسة: قوله تعالى: { فَمَنِ ٱعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ فَٱعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا ٱعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ } عموم متفق عليه، إمّا بالمباشرة إن أمكن، وإمّا بالحُكّام. وٱختلف الناس في المكافأة هل تُسمَّى عُدواناً أم لا؛ فمن قال: ليس في القرآن مجاز، قال: المقابلة عدوان، وهو عدوان مباح، كما أن المجاز في كلام العرب كذب مباح؛ لأن قول القائل:
فقالت له العينان سمعاً وطاعة
وكذلك:ٱمتلأ الحوض وقال قَطْنِي
وكذلك:شكا إليّ جملي طول السُّرَى
ومعلوم أن هذه الأشياء لا تَنطِق. وحدّ الكذب: إخبار عن الشيء على خلاف ما هو به. ومن قال في القرآن مجاز سَمَّى عدواناً على طريق المجاز ومقابلة الكلام بمثله؛ كما قال عمرو بن كلثوم:ألاَ لا يجهلن أحد علينافنجهلَ فوق جهل الجاهلينا
وقال الآخر:ولي فَرَسٌ للحلم بالحلم مُلْجَمٌولي فرس للجهل بالجهل مُسْرَجُ
ومن رام تقويمي فإني مُقَوَّمٌومن رام تعويجي فإني مُعَوَّجُ
يريد: أكافىء الجاهل والمعَوجّ، لا أنه ٱمتدح بالجهل والاعوجاج. السادسة: وٱختلف العلماء فيمن ٱستهلك أو أفسد شيئاً من الحيوان أو العُرُوض التي لا تكال ولا توزن؛ فقال الشافعي وأبو حنيفة وأصحابهما وجماعة من العلماء: عليه في ذلك المِثْل، ولا يُعَدل إلى القيمة إلا عند عدم المثل؛ لقوله تعالى: { فَمَنِ ٱعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ فَٱعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا ٱعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ } وقوله تعالى:
{ وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ } [النحل: 126]. قالوا: وهذا عموم في جميع الأشياء كلها، وعَضَدُوا هذا "بأنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم حبس القَصعة المكسورة في بيت التي كسرتها ودفع الصحيحة وقال: إناءٌ بإناء وطعامٌ بطعام" خرّجه أبو داود قال: حدّثنا مسدّد حدّثنا يحيى ح وحدّثنا محمد بن المثنى حدّثنا خالد عن حميد "عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان عند بعض نسائه، فأرسلت إحدى أمهات المؤمنين مع خادم قَصعة فيها طعام، قال: فضربت بيدها فكسرت القصعة. قال ٱبن المثنَّى: فأخذ النبيّ صلى الله عليه وسلم الكسرتين فضمّ إحداهما إلى الأخرى، فجعل يجمع فيها الطعام ويقول: غارت أمكم. زاد ٱبن المثنَّى كُلُوا فأكلوا حتى جاءت قصعتها التي في بيتها" . ثم رجعنا إلى لفظ حديث مسدّد وقال: «كُلُوا» وحبس الرسولَ والقصعةَ حتى فرغوا، فدفع القصعة الصحيحة إلى الرسول وحبس المكسورة في بيته. حدّثنا أبو داود قال: حدّثنا مسدّد حدّثنا يحيى عن سفيان قال وحدّثنا فُلَيْتٌ العامريّ ـ قال أبو داود: وهو أَفْلَت بن خليفة ـ عن جَسْرة بنت دَجاجة قالت "قالت عائشة رضي الله عنها: ما رأيت صانعاً طعاماً مثل صَفِيّة؛ صنعت لرسول الله صلى الله عليه وسلم طعاماً فبعثتْ به، فأخذني أَفْكَلٌ فكسرتُ الإناء، فقلت: يا رسول الله، ما كفارة ما صنعتُ؟ قال: إناءٌ مثل إناءٍ وطعامٌ مثلُ طعام" . قال مالك وأصحابه: عليه في الحيوان والعروض التي لا تُكال ولا توزن القيمةُ لا المِثل؛ بدليل تضمين النبيّ صلى الله عليه وسلم الذي أعتق نصف عبده قيمة نصف شريكه، ولم يضمّنه مثل نصف عبده. ولا خلاف بين العلماء على تضمين المِثل في المطعومات والمشروبات والموزونات؛ لقوله عليه السلام: «طعامٌ بطعام». السابعة: لا خلاف بين العلماء أن هذه الآية أصل في المماثلة في القصاص؛ فمن قَتل بشيء قُتِل بمثل ما قَتل به؛ وهو قول الجمهور، ما لم يقتله بفسق كاللُّوطية وإسقاء الخمر فيُقتل بالسيف. وللشافعية قول: إنه يُقتل بذلك؛ فيُتّخذ عود على تلك الصفة ويُطعن به في دُبُره حتى يموت، ويُسقى عن الخمر ماء حتى يموت. وقال ٱبن الماشجون: إن من قتل بالنار أو بالسمّ لا يُقتل به؛ لقول النبيّ صلى الله عليه وسلم:
"لا يعذِّب بالنار إلا الله" . والسمّ نار باطنة. وذهب الجمهور إلى أنه يُقتل بذلك؛ لعموم الآية. الثامنة: وأما القَوَد بالعصا فقال مالك في إحدى الروايتين: إنه إن كان في القتل بالعصا تطويل وتعذيب قُتِل بالسيف؛ رواه عنه ٱبن وهب، وقاله ٱبن القاسم. وفي الأخرى: يُقتل بها وإن كان فيه ذلك؛ وهو قول الشافعي. وروى أشهب وٱبن نافع عن مالك في الحجر والعصا أنه يُقتل بهما إذا كانت الضَّرْبة مُجْهزة؛ فأمّا أن يُضرب ضربات فلا. وعليه لا يُرْمَى بالنَّبل ولا بالحجارة لأنه من التعذيب؛ وقاله عبد الملك. قال ٱبن العربي: «والصحيح من أقوال علمائنا أن المماثلة واجبة، إلا أن تدخل في حدّ التعذيب فلتترك إلى السيف». وٱتّفق علماؤنا على أنه إذا قطع يده ورجله وفقأ عينه قصْدَ التعذيب فُعِل به ذلك، كما فعل النبيّ صلى الله عليه وسلم بقَتلَة الرِّعاء. وإن كان في مدافعة أو مضاربة قتل بالسيف. وذهبت طائفة إلى خلاف هذا كله فقالوا: لا قَوَد إلا بالسيف، وهو مذهب أبي حنيفة والشَّعبيّ والنَّخَعيّ. وٱحتجّوا على ذلك بما رُوِيَ عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال:
"لا قَوَد إلا بحديدة" ، وبالنهي عن المُثْلة، وقوله: "لا يُعَذِّب بالنار إلاَّ رَبُّ النار" . والصحيح ما ذهب إليه الجمهور؛ لما رواه الأئمة عن أنس بن مالك: أن جارية وُجِد رأسها قد رُضّ بين حجرين؛ فسألوها: مَن صَنع هذا بك! أفلان، أفلان؟ حتى ذكروا يهوديًّا فأَوْمأت برأسها، فأُخِذ اليهودي فأقَرّ، فأمرَ به رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تُرَضّ رأسه بالحجارة. وفي رواية: فقتله رسول الله صلى الله عليه وسلم بين حجرين. وهذا نصٌّ صريح صحيح، وهو مقتضى قوله تعالى: { { وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ } [النحل: 126] وقوله: { فَٱعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا ٱعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ } وأمّا ما ٱستدلّوا به من حديث جابر فحديث ضعيف عند المحدّثين، لا يروَى من طريق صحيح، ولو صح قلنا بموجبه، وأنه إذا قَتل بحديدة قُتِل بها؛ يدلّ على ذلك حديث أنس: أن يهوديًّا رَضّ رأس جارية بين حجرين فَرضّ رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه بين حجرين. وأمّا النُّهي عن المُثْلة فنقول أيضاً بموجبها إذا لم يُمَثِّل، فإذا مَثّل مَثّلنا به؛ يدلّ على ذلك حديث: العُرَنيِّين، وهو صحيح أخرجه الأئمة. وقوله: "لا يُعذِّب بالنار إلاّ ربُّ النار" صحيح إذا لم يَحرِق، فإن حَرق حُرِق؛ يدلّ عليه عموم القرآن. قال الشافعيّ: إن طرحه في النار عمداً طُرح في النار حتى يموت؛ وذكره الوَقار في مختصره عن مالك، وهو قول محمد بن عبد الحكم. قال ٱبن المنذر: وقول كثير من أهل العلم في الرجل يَخنقُ الرجلَ: عليه القَوَد؛ وخالف في ذلك محمد بن الحسن فقال: لو خنقه حتى مات أو طرحه في بئر فمات، أو ألقاه من جبل أو سطح فمات، لم يكن عليه قصاص وكان على عاقلته الدِّية؛ فإن كان معروفاً بذلك ـ قد خَنق غير واحد ـ فعليه القتل. قال ٱبن المنذر: ولما أقاد النبيّ صلى الله عليه وسلم من اليهوديّ الذي رَضّ رأس الجارية بالحجر كان هذا في معناه، فلا معنى لقوله. قلت: وحكى هذا القول غيره عن أبي حنيفة فقال: وقد شذّ أبو حنيفة فقال فيمن قتل بخَنْق أو بسُمّ أو تردِية من جبل أو بئر أو بخشبة: إنه لا يُقتل ولا يُقتصّ منه، إلا إذا قَتل بمحدَّدٍ حديدٍ أو حجر أو خشب أو كان معروفاً بالخنق والترّدية وكان على عاقلته الدِّية. وهذا منه ردٌّ للكتاب والسُّنة، وإحداثُ ما لم يكن عليه أمر الأمة، وذَرِيعةٌ إلى رفع القصاص الذي شرعه الله للنفوس، فليس عنه مناص.
التاسعة: وٱختلفوا فيمن حبس رجلاً وقتله آخر؛ فقال عطاء: يُقتل القاتل ويُحْبَس الحابس حتى يموت. وقال مالك: إن كان حبسه وهو يرى أنه يريد قتله قُتلا جميعاً؛ وفي قول الشافعيّ وأبي ثور والنُّعمانُ يُعاقَب الحابس. وٱختاره ٱبن المنذر.
قلت: قول عطاء صحيح، وهو مقتضى التنزيل. وروى الدّارقُطْنِيّ عن ٱبن عمر عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال:
"إذا أمسك الرجلُ الرجلَ وقتله الآخر يُقتل القاتل ويُحبس الذي أمسكه" . رواه سفيان الثوريّ عن إسماعيل بن أميّة عن نافع عن ٱبن عمر، ورواه معمر وٱبن جُريج عن إسماعيل مُرسَلاً. العاشرة: قوله تعالى: { فَمَنِ ٱعْتَدَىٰ } الاعتداء هو التجاوز؛ قال الله تعالى:
{ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ ٱللَّهِ } [الطلاق: 1] أي يتجاوزها؛ فمن ظلمك فخذ حقّك منه بقدر مظلمتك، ومن شتمك فردّ عليه مثلَ قوله، ومن أخذ عِرْضَك فخذ عِرضه؛ لا تتعدّى إلى أبويه ولا إلى ٱبنه أو قريبه، وليس لك أن تَكذِب عليه وإن كذب عليك، فإن المعصية لا تُقابل بالمعصية؛ فلو قال لك مثلاً: يا كافر، جاز لك أن تقول له: أنت الكافر. وإن قال لك: يا زان، فقصاصك أن تقول له: يا كذّاب يا شاهد زُور. ولو قلت له يا زانٍ، كنت كاذباً وأثِمَت في الكذب. وإن مَطَلك وهو غنيّ دون عُذر فقل: يا ظالم، يا آكل أموال الناس؛ قال النبيّ صلى الله عليه وسلم: "لَيُّ الواجِدِ يُحِلّ عِرْضَه وعقوبَتَه" . أمّا عِرْضه فبما فسّرناه، وأمّا عقوبته فالسجن يُحبس فيه. وقال ٱبن عباس: نزل هذا قبل أن يقوَى الإسلام؛ فأمَرَ مَن أُوذِيَ من المسلمين أن يُجازِي بمثل ما أوذِيَ به، أو يَصبر أو يعفو؛ ثم نسخ ذلك بقوله: { { وَقَاتِلُواْ ٱلْمُشْرِكِينَ كَآفَّةً } [التوبة: 36]. وقيل: نسخ ذلك بتصييره إلى السلطان. ولا يَحِلّ لأحد أن يقتصّ من أحد إلا بإذن السلطان.