التفاسير

< >
عرض

وَأَرَادُواْ بِهِ كَيْداً فَجَعَلْنَاهُمُ ٱلأَخْسَرِينَ
٧٠
وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطاً إِلَى ٱلأَرْضِ ٱلَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ
٧١
وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً وَكُلاًّ جَعَلْنَا صَالِحِينَ
٧٢
وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَآ إِلَيْهِمْ فِعْلَ ٱلْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ ٱلصَّلاَة وَإِيتَآءَ ٱلزَّكَـاةِ وَكَانُواْ لَنَا عَابِدِينَ
٧٣
-الأنبياء

الجامع لاحكام القرآن

قوله تعالى: { وَأَرَادُواْ بِهِ كَيْداً } أي أراد نمروذ وأصحابه أن يمكروا به { فَجَعَلْنَاهُمُ ٱلأَخْسَرِينَ } أي في أعمالهم، ورددنا مكرهم عليهم بتسليط أضعف خلقنا. قال ابن عباس: سلط الله عليهم أضعف خلقه البعوض، فما برح نمروذ حتى رأى عظام أصحابه وخيله تلوح، أكلت لحومهم وشربت دماءهم، ووقعت واحدة في منخره فلم تزل تأكل إلى أن وصلت دماغه، وكان أكرم الناس عليه الذي يضرب رأسه بمرزبة من حديد. فأقام بهذا نحواً من أربعمائة سنة.

قوله تعالى: { وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطاً إِلَى ٱلأَرْضِ ٱلَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ } يريد نجينا إبراهيم ولوطاً إلى الأرض أرض الشام وكانا بالعراق، وكان (إبراهيم) عليه السلام عمّ لوط؛ قاله ابن عباس. وقيل: لها مباركة لكثرة خصبها وثمارها وأنهارها؛ ولأنها معادن الأنبياء. والبركة ثبوت الخير، ومنه برك البعير إذا لزم مكانه فلم يبرح. وقال ابن عباس: الأرض المباركة مكة. وقيل: بيت المقدس؛ لأن منها بعث الله أكثر الأنبياء وهي أيضاً كثيرة الخصب والنموّ، عذبة الماء، ومنها يتفرّق في الأرض. قال أبو العالية: ليس ماء عذب إلا يهبط من السماء إلى الصخرة التي ببيت المقدس، ثم يتفرّق في الأرض. ونحوه عن كعب الأحبار. وقيل: الأرض المباركة مصر.

قوله تعالى: { وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً } أي زيادة؛ لأنه دعا في إسحاق وزيد يعقوب من غير دعاء فكان ذلك نافلة؛ أي زيادة على ما سأل؛ إذ قال: { { رَبِّ هَبْ لِي مِنَ ٱلصَّالِحِينِ } [الصافات: 100]. ويقال لولد الولد نافلة؛ لأنه زيادة على الولد. { وَكُلاًّ جَعَلْنَا صَالِحِينَ } أي وكلاً من إبراهيم وإسحاق ويعقوب جعلناه صالحاً عاملاً بطاعة الله. وجَعْلهم صالحين إنما يتحقق بخلق الصلاح والطاعة لهم، وبخلق القدرة على الطاعة، ثم ما يكتسبه العبد فهو مخلوق لله تعالى.

قوله تعالى: { وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا } أي رؤساء يقتدى بهم في الخيرات وأعمال الطاعات. ومعنى «بِأَمْرِنَا» أي بما أنزلنا عليهم من الوحي والأمر والنهي؛ فكأنه قال يهدون بكتابنا. وقيل: المعنى يهدون الناس إلى ديننا بأمرنا إياهم بإرشاد الخلق، ودعائهم إلى التوحيد. { وَأَوْحَيْنَآ إِلَيْهِمْ فِعْلَ ٱلْخَيْرَاتِ } أي أن يفعلوا الطاعات. { وَإِقَامَ ٱلصَّلاَة وَإِيتَآءَ ٱلزَّكَـاةِ وَكَانُواْ لَنَا عَابِدِينَ } أي مطيعين.