التفاسير

< >
عرض

ذٰلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنصُرَنَّهُ ٱللَّهُ إِنَّ ٱللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ
٦٠
-الحج

الجامع لاحكام القرآن

قوله تعالى: { ذٰلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ } «ذلك» في موضع رفع؛ أي ذلك الأمر الذي قصصنا عليك. قال مقاتل: نزلت في قوم من مشركي مكة لقوا قوماً من المسلمين لليلتين بقيتا من المحرّم فقالوا: إن أصحاب محمد يكرهون القتال في الشهر الحرام فاحملوا عليهم؛ فناشدهم المسلمون ألا يقاتلوهم في الشهر الحرام؛ فأبى المشركون إلا القتال، فحملوا عليهم فثبت المسلمون ونصرهم الله على المشركين؛ وحصل في أنفس المسلمين من القتال في الشهر الحرام شيء؛ فنزلت هذه الآية. وقيل: نزلت في قوم من المشركين، مثّلوا بقوم من المسلمين قتلوهم يوم أُحُد فعاقبهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بمثله. فمعنى «من عاقب بمثل ما عوقب به» أي من جازى الظالم بمثل ما ظلمه؛ فسمَّى جزاء العقوبة عقوبة لاستواء الفعلين في الصورة؛ فهو مثل { { وَجَزَآءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا } [الشورى: 40]. ومثل { { فَمَنِ ٱعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ فَٱعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا ٱعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ } [البقرة: 194]. وقد تقدم. { ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ } أي بالكلام والإزعاج من وطنه؛ وذلك أن المشركين كذبوا نبيَّهم وآذَوْا من آمن به وأخرجوه وأخرجوهم من مكة، وظاهروا على إخراجهم. { لَيَنصُرَنَّهُ ٱللَّهُ } أي لينصرَنَّ الله محمداً صلى الله عليه وسلم وأصحابه؛ فإن الكفار بغوا عليهم. { إِنَّ ٱللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ } أي عفا عن المؤمنين ذنوبهم وقتالهم في الشهر الحرام وستر.