التفاسير

< >
عرض

قُلْ أَذٰلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ ٱلْخُلْدِ ٱلَّتِي وُعِدَ ٱلْمُتَّقُونَ كَانَتْ لَهُمْ جَزَآءً وَمَصِيراً
١٥
لَّهُمْ فِيهَا مَا يَشَآءُونَ خَالِدِينَ كَانَ عَلَىٰ رَبِّكَ وَعْداً مَّسْئُولاً
١٦
-الفرقان

الجامع لاحكام القرآن

قوله تعالى: { قُلْ أَذٰلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ ٱلْخُلْدِ ٱلَّتِي وَعِدَ ٱلْمُتَّقُونَ }. إن قيل: كيف قال { أَذَلِك خَيْرٌ } ولا خير في النار؛ فالجواب أن سيبويه حكى عن العرب: الشقاء أحب إليك أم السعادة، وقد علم أن السعادة أحبّ إليه. وقيل: ليس هو من باب أفعل منك، وإنما هو كقولك: عنده خير. قال النحاس: وهذا قول حسن؛ كما قال:

فشرُّكما لخير كما الفِداء

قيل: إنما قال ذلك لأن الجنة والنار قد دخلتا في باب المنازل؛ فقال ذلك لتفاوت ما بين المنزلتين. وقيل: هو مردود على قوله: { تَبَارَكَ ٱلَّذِيۤ إِن شَآءَ جَعَلَ لَكَ خَيْراً مِّن ذٰلِكَ } الآية. وقيل: هو مردود على قوله: { أَوْ يُلْقَىٰ إِلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا }. وقيل: إنما قال ذلك على معنى عِلمكم واعتقادكم أيها الكفار؛ وذلك أنهم لما كانوا يعملون عمل أهل النار صاروا كأنهم يقولون إن في النار خيراً.

قوله تعالى: { لَّهُمْ فِيهَا مَا يَشَآءُونَ } أي من النعيم. { خَالِدِينَ كَانَ عَلَىٰ رَبِّكَ وَعْداً مَّسْئُولاً } قال الكلبيّ: وعد الله المؤمنين الجنة جزاءً على أعمالهم، فسألوه ذلك الوعد فقالوا: { رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدتَّنَا عَلَىٰ رُسُلِكَ } [آل عمران: 194]. وهو معنى قول ابن عباس. وقيل: إن الملائكة تسأل لهم الجنة؛ دليله قوله تعالى: { { رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ ٱلَّتِي وَعَدْتَّهُمْ } [غافر: 8]الآية. وهذا قول محمد ابن كعب القُرظِي. وقيل؛ معنى { وَعْداً مَسْئُولاً } أي واجباً وإن لم يكن يسأل كالدَّين؛ حكي عن العرب: لأعطينك ألفاً. وقيل: { وَعْداً مَسْئُولاً } يعني أنه واجب لك فتسأله. وقال زيد بن أسلم: سألوا الله الجنة في الدنيا ورغِبوا إليه بالدعاء، فأجابهم في الآخرة إلى ما سألوا وأعطاهم ما طلبوا. وهذا يرجع إلى القول الأول.