قوله تعالى: {كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ ٱلْمُرْسَلِينَ } مضى معناه وقصته في «الأعراف» و«هود» مستوفى والحمد لله.
قوله تعالى: {أَتَأْتُونَ ٱلذُّكْرَانَ مِنَ ٱلْعَالَمِينَ } كانوا ينكحونهم في أدبارهم وكانوا يفعلون ذلك بالغرباء على ما تقدّم «في الأعراف». {وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِّنْ أَزْوَاجِكُمْ} يعني فروج النساء فإن الله خلقها للنكاح. قال إبراهيم بن مهاجر: قال لي مجاهد كيف يقرأ عبد الله {وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِّنْ أَزْوَاجِكُمْ} قلت: «وتذرون ما أصلح لكم ربكم من أزواجِكم» قال: الفرج؛ كما قال:
{ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ ٱللَّهُ } [البقرة: 222]. {بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ} أي متجاوزون لحدود الله. {قَالُواْ لَئِن لَّمْ تَنتَهِ يٰلُوطُ} عن قولك هذا. {لَتَكُونَنَّ مِنَ ٱلْمُخْرَجِينَ } أي من بلدنا وقريتنا. {قَالَ إِنِّي لِعَمَلِكُمْ} يعني اللواط {مِّنَ ٱلْقَالِينَ} أي المبغضين والقلي البغض؛ قليته أقلِيه قِلىً وقَلاء. قال:فلستُ بمقلِّي الخِلالِ ولا قَالِي
وقال آخر:عليك السلامُ لا مُلِلتِ قرِيبةًومَالَكِ عندي إن نأيتِ قَلاَءُ
{رَبِّ نَّجِنِي وَأَهْلِي مِمَّا يَعْمَلُونَ } أي من عذاب عملهم. دعا الله لما أيس من إيمانهم ألا يصيبه من عذابهم. قال تعالى: {فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ } ولم يكن إلا ابنتاه على ما تقدّم في «هود». {إِلاَّ عَجُوزاً فِي ٱلْغَابِرِينَ } روى سعيد عن قتادة قال: غبرت في عذاب الله عز وجل أي بقيت. وأبو عبيدة يذهب إلى أن المعنى من الباقين في الهَرَم أي بقيت حتى هَرِمت. قال النحاس: يقال للذاهب غابر والباقي غابر كما قال:
لا تَكْسَعِ الشَّوَل بأَغْبَارِهَاإنّكَ لا تَدْرِي مَنِ النَّاتِجُ
وكما قال:فما وَنَى محمدٌ مذ انْ غَفَرْله الإلهُ ما مَضَى وما غَبَرْ
أي ما بقي. والأغبار بقيات الألبان. {ثُمَّ دَمَّرْنَا ٱلآخَرِينَ } أي أهلكناهم بالخسف والحصب؛ قال مقاتل: خسف الله بقوم لوط وأرسل الحجارة على من كان خارجاً من القرية. {وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَراً} يعني الحجارة {فَسَآءَ مَطَرُ ٱلْمُنذَرِينَ}. وقيل: إن جبريل خسف بقريتهم وجعل عاليها سافلها، ثم أتبعها الله بالحجارة. {إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ } لم يكن فيها مؤمن إلا بيت لوط وابنتاه.