التفاسير

< >
عرض

وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِٱلْعَذَابِ وَلَوْلاَ أَجَلٌ مُّسَمًّى لَّجَآءَهُمُ ٱلْعَذَابُ وَلَيَأْتِيَنَّهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ
٥٣
يَسْتَعْجِلُونَكَ بِٱلْعَذَابِ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِٱلْكَافِرِينَ
٥٤
يَوْمَ يَغْشَاهُمُ ٱلْعَذَابُ مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ وَيِقُولُ ذُوقُواْ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ
٥٥
-العنكبوت

الجامع لاحكام القرآن

قوله تعالى: { وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِٱلْعَذَابِ } لما أنذرهم بالعذاب قالوا لفرط الإنكار عَجّل لنا هذا العذاب. وقيل: إن قائل ذلك النّضر بن الحرث وأبو جهل حين قالا؛ { ٱللَّهُمَّ إِن كَانَ هَـٰذَا هُوَ ٱلْحَقَّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ } [الأنفال: 32] وقولهم: { { رَبَّنَا عَجِّل لَّنَا قِطَّنَا قَبْلَ يَوْمِ ٱلْحِسَابِ } [صۤ: 16] وقوله: { وَلَوْلاَ أَجَلٌ مُّسَمًّى } في نزول العذاب. قال ابن عباس: يعني هو ما وعدتك ألا أعذب قومك وأؤخرهم إلى يوم القيامة. بيانه: { بَلِ ٱلسَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ } [القمر: 46]. وقال الضحاك: هو مدة أعمارهم في الدنيا. وقيل: المراد بالأجل المسمى النفخة الأولى، قاله يحيـى بن سلاّم. وقيل: الوقت الذي قدره الله لهلاكهم وعذابهم؛ قاله ابن شجرة. وقيل: هو القتل يوم بدر. وعلى الجملة فلكل عذاب أجل لا يتقدم ولا يتأخر. دليله قوله: { لِّكُلِّ نَبَإٍ مُّسْتَقَرٌّ } [الأنعام: 67]. { لَّجَآءَهُمُ ٱلْعَذَابُ } يعني الذي استعجلوه. { وَلَيَأْتِيَنَّهُمْ بَغْتَةً } أي فجأة. { وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } أي لا يعلمون بنزوله عليهم. { يَسْتَعْجِلُونَكَ بِٱلْعَذَابِ } أي يستعجلونك وقد أعد لهم جهنم وأنها ستحيط بهم لا محالة، فما معنى الاستعجال. وقيل: نزلت في عبد الله بن أبي أمية وأصحابه من المشركين حين قالوا { أَوْ تُسْقِطَ ٱلسَّمَآءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفاً } [الإسراء: 92].

قوله تعالى: { يَوْمَ يَغْشَاهُمُ ٱلْعَذَابُ مِن فَوْقِهِمْ } قيل: هو متصل بما هو قبله؛ أي يوم يصيبهم العذاب من فوقهم ومن تحت أرجلهم، فإذا غشيهم العذاب أحاطت بهم جهنم. وإنما قال { وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ } للمقاربة وإلا فالغشيان من فوق أعم؛ كما قال الشاعر:

عَـلَـفْـتُـهَـا تِـبْـنـاً ومـاءً بـارِدا

وقال آخر:

لقد كان قوّادَ الجيادِ إلى العِدَاعليهنّ غابٌ من قَنًى ودروع

{ وَيِقُولُ ذُوقُواْ } قرأ أهل المدينة والكوفة: «نَقُولُ» بالنون. الباقون بالياء. واختاره أبو عبيد؛ لقوله: { قُلْ كَفَى بِاللَّهِ } ويحتمل أن يكون الملَك الموكَّل بهم يقول: { ذُوقُوا } والقراءتان ترجع إلى معنى. أي يقول الملك بأمرنا ذوقوا.