التفاسير

< >
عرض

وَأَنزَلَ ٱلَّذِينَ ظَاهَرُوهُم مِّنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ مِن صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ ٱلرُّعْبَ فَرِيقاً تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقاً
٢٦
وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضاً لَّمْ تَطَئُوهَا وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً
٢٧
-الأحزاب

الجامع لاحكام القرآن

قوله تعالى: { وَأَنزَلَ ٱلَّذِينَ ظَاهَرُوهُم مِّنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ } يعني الذين عاونوا الأحزاب: قريشاً وغَطَفان؛ وهم بنو قُريظة. وقد مضى خبرهم. { مِن صَيَاصِيهِمْ } أي حصونهم؛ واحدها صِيصَة. قال الشاعر:

فأصبحت الثِّيران صَرْعَى وأصبحتْنساء تميم يبتدِرْن الصياصِيا

ومنه قيل لشوكة الحائك التي بها يُسوّى السَّداة واللُّحْمة: صِيصة. قال دريدُ بن الصِّمَّة:

فجئتُ إليه والرماحُ تَنُوشُهكوقع الصَّياصِي في النسيج الممدّد

ومنه: صيصَة الديك التي في رجله. وصَياصِي البقر قرونها؛ لأنها تمتنع بها. وربما كانت تركّب في الرماح مكان الأسنة؛ ويقال: جَذّ اللَّهُ صِئْصِئه؛ أي أصله. { وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ ٱلرُّعْبَ فَرِيقاً تَقْتُلُونَ } وهم الرجال. { وَتَأْسِرُونَ فَرِيقاً } وهم النساء والذّرّية؛ على ما تقدّم. { وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضاً لَّمْ تَطَئُوهَا } بعدُ. قال يزيد بن رُومان وابن زيد ومقاتل: يعني حُنَين؛ ولم يكونوا نالوها، فوعدهم الله إياها. وقال قتادة: كنا نتحدّث أنها مكة. وقال الحسن: هي فارس والرّوم. وقال عِكرمة: كل أرض تفتح إلى يوم القيامة. { وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً } فيه وجهان: أحدهما: على ما أراد بعباده من نقمة أو عفوٍ قديرٌ؛ قاله محمد بن إسحاق. الثاني: على ما أراد أن يفتحه من الحصون والقُرَى قدير؛ قاله النقاش. وقيل: { وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ } مما وَعَدَكُمُوه { قَدِيراً } لا تردّ قدرته ولا يجوز عليه العجز تعالى. ويقال: تأسِرون وتأسُرون (بكسر السين وضمها) حكاه الفراء.