التفاسير

< >
عرض

إِنَّ ٱلشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَٱتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُواْ حِزْبَهُ لِيَكُونُواْ مِنْ أَصْحَابِ ٱلسَّعِيرِ
٦
ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ
٧
-فاطر

الجامع لاحكام القرآن

قوله تعالى: { إِنَّ ٱلشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَٱتَّخِذُوهُ عَدُوّاً } أي فعادوه ولا تطيعوه. ويدلكم على عداوته إخراجه أباكم من الجنة، وضمانه إضلالكم في قوله: { { وَلأُضِلَّنَّهُمْ وَلأُمَنِّيَنَّهُمْ } [النساء: 119] الآية. وقوله: { { لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ ٱلْمُسْتَقِيمَ ثُمَّ لآتِيَنَّهُمْ مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ } [الأعراف: 16 ـ 17] الآية. فأخبرنا جل وعز أن الشيطان لنا عدوّ مبين، واقتص علينا قصته، وما فعل بأبينا آدم صلى الله عليه وسلم، وكيف انتدب لعداوتنا وغرورنا من قبل وجودنا وبعده، ونحن على ذلك نتولاه ونطيعه فيما يريد منا مما فيه هلاكنا، وكان الفضيل بن عِياض يقول: يا كذاب يا مُفْتَرٍ، اتق الله ولا تَسُبَّ الشيطان في العلانية وأنت صديقه في السر. وقال ابن السماك: يا عجباً لمن عصى المحسن بعد معرفته بإحسانه! وأطاع اللعين بعد معرفته بعداوته! وقد مضى هذا المعنى في «البقرة» مجوَّداً. و«عدُوّ» في قوله: «إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ» يجوز أن يكون بمعنى معادٍ، فيثنّى ويجمع ويؤنث. ويكون بمعنى النسب فيكون موحداً بكل حال؛ كما قال جل وعز: { { فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِيۤ } [الشعراء: 77]. وفي المؤنث على هذا أيضاً عدوّ. النحاس: فأما قول بعض النحويين إن الواو خفية فجاؤوا بالهاء فخطأ، بل الواو حرف جلد. { إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ } كفّت «ما» «إنّ» عن العمل فوقع بعدها الفعل. { حِزْبَهُ } أي أشياعه. { لِيَكُونُواْ مِنْ أَصْحَابِ ٱلسَّعِيرِ } فهذه عداوته. { ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ } يكون «الَّذِينَ» بدلاً «مِنْ أَصْحَابِ» فيكون في موضع خفض، أو يكون بدلاً من «حِزْبَه» فيكون في موضع نصب، أو يكون بدلاً من الواو فيكون في موضع رفع. وقول رابع وهو أحسنها: يكون في موضع رفع بالابتداء ويكون خبره «لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ»؛ وكأنه سبحانه بيّن حال موافقته ومخالفته، ويكون الكلام قد تَمّ في قوله: { مِنْ أَصْحَابِ ٱلسَّعِيرِ } ثم ابتدأ فقال: { ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ }. { وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ } في موضع رفع بالابتداء أيضاً، وخبره { لَهُم مَّغْفِرَةٌ } أي لذنوبهم. { وَأَجْرٌ كَبِيرٌ } وهو الجنة.