التفاسير

< >
عرض

وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا ٱلْمُرْسَلِينَ
١٧١
إِنَّهُمْ لَهُمُ ٱلْمَنصُورُونَ
١٧٢
وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ ٱلْغَالِبُونَ
١٧٣
فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّىٰ حِينٍ
١٧٤
وَأَبْصِرْهُمْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ
١٧٥
أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ
١٧٦
فَإِذَا نَزَلَ بِسَاحَتِهِمْ فَسَآءَ صَبَاحُ ٱلْمُنْذَرِينَ
١٧٧
وَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّىٰ حِينٍ
١٧٨
وَأَبْصِرْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ
١٧٩
-الصافات

الجامع لاحكام القرآن

قوله تعالى: { وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا ٱلْمُرْسَلِينَ } قال الفراء: أي بالسعادة. وقيل: أراد بالكلمة قوله عز وجل: { كَتَبَ ٱللَّهُ لأَغْلِبَنَّ أَنَاْ وَرُسُلِيۤ } [المجادلة: 21] قال الحسن: لم يُقتَل من أصحاب الشرائع قط أحد. { إِنَّهُمْ لَهُمُ ٱلْمَنصُورُونَ } أي سبق الوعد بنصرهم بالحجة والغلبة. { وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ ٱلْغَالِبُونَ } على المعنى ولو كان على اللفظ لكان هو الغالب مثل { جُندٌ مَّا هُنَالِكَ مَهْزُومٌ مِّن ٱلأَحَزَابِ } [صۤ: 11]. وقال الشيباني: جاء هاهنا على الجمع من أجل أنه رأس آية.

قوله تعالى: { فَتَوَلَّ عَنْهُمْ } أي أعرض عنهم. { حَتَّىٰ حِينٍ } قال قتادة: إلى الموت. وقال الزجاج: إلى الوقت الذي أمهلوا إليه. وقال ابن عباس: يعني القتل ببدر. وقيل: يعني فتح مكة. وقيل: الآية منسوخة بآية السيف. { وَأَبْصِرْهُمْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ } قال قتادة: سوف يبصرون حين لا ينفعهم الإِبصار. وعسى من اللّه للوجوب وعبّر بالإبصار عن تقريب الأمر؛ أي عن قريب يبصرون. وقيل: المعنى فسوف يبصرون العذاب يوم القيامة. { أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ } كانوا يقولون من فرط تكذيبهم متى هذا العذاب؛ أي لا تستعجلوه فإنه واقع بكم.

قوله تعالى: { فَإِذَا نَزَلَ بِسَاحَتِهِمْ } أي العذاب. قال الزجاج: وكان عذاب هؤلاء بالقتل. ومعنى «بِسَاحَتِهِمْ» أي بدارهم؛ عن السّدي وغيره. والساحة والسَّحْسَة في اللغة فِناء الدار الواسع. الفرّاء: «نَزَل بِسَاحَتِهِمْ» ونزل بهم سواء. { فَسَآءَ صَبَاحُ ٱلْمُنْذَرِينَ } أي بئس صباح الذين أنذروا بالعذاب. وفيه إضمار أي فساء الصباح صباحهم. وخصّ الصباح بالذكر؛ لأن العذاب كان يأتيهم فيه. ومنه الحديث الذي رواه أنس رضي اللّه عنه قال: "لما أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم خَيْبر، وكانوا خارجين إلى مزارعهم ومعهم المَساحى، فقالوا: محمد والخمِيس، ورجعوا إلى حصنهم؛ فقال صلى الله عليه وسلم: اللّه أكبر خَرِبت خيبر إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين" وهو يبين معنى «فَإِذا نَزَلَ بِسَاحَتِهِمْ» يريد النبي صلى الله عليه وسلم. { وَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّىٰ حِينٍ } كرر تأكيداً وكذا { وَأَبْصِرْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ } تأكيد أيضاً.