التفاسير

< >
عرض

أَلَيْسَ ٱللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِٱلَّذِينَ مِن دُونِهِ وَمَن يُضْـلِلِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَـادٍ
٣٦
وَمَن يَهْدِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّضِلٍّ أَلَيْسَ ٱللَّهُ بِعَزِيزٍ ذِي ٱنتِقَامٍ
٣٧
-الزمر

الجامع لاحكام القرآن

قوله تعالى: { أَلَيْسَ ٱللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ } حذفت الياء من «كاف» لسكونها وسكون التنوين بعدها؛ وكان الأصل ألا تحذف في الوقف لزوال التنوين، إلا أنها حذفت ليعلم أنها كذلك في الوصل. ومن العرب من يثبتها في الوقف على الأصل فيقول: كافي. وقراءة العامة { عَبْدَهُ } بالتوحيد يعني محمداً صلى الله عليه وسلم يكفيه الله وعيد المشركين وكيدهم. وقرأ حمزة والكسائي { عِبَادَهُ } وهم الأنبياء أو الأنبياء والمؤمنون بهم. واختار أبو عبيد قراءة الجماعة لقوله عقيبه: { وَيُخَوِّفُونَكَ بِٱلَّذِينَ مِن دُونِهِ }. ويحتمل أن يكون العبد لفظ الجنس؛ كقوله عز من قائل: { إِنَّ ٱلإِنسَانَ لَفِى خُسْرٍ } [العصر: 2] وعلى هذا تكون القراءة الأولى راجعة إلى الثانية. والكفاية شر الأصنام، فإنهم كانوا يخوّفون المؤمنين بالأصنام، حتى قال إبراهيم عليه السلام. { وَكَيْفَ أَخَافُ مَآ أَشْرَكْتُمْ وَلاَ تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُم بِٱللَّهِ } [الأنعام: 81]. وقال الجرجاني: إن الله كافٍ عبده المؤمن وعبده الكافر، هذا بالثواب وهذا بالعقاب.

قوله تعالى: { وَيُخَوِّفُونَكَ بِٱلَّذِينَ مِن دُونِهِ } وذلك أنهم خوفوا النبيّ صلى الله عليه وسلم مَضَرَّة الأوثان، فقالوا: أتسب آلهتنا؟ لئن لم تكف عن ذكرها لتخبلنك أو تصيبنك بسوء. وقال قتادة: مشى خالد بن الوليد إلى العُزَّى ليكسرها بالفأس، فقال له سادِنها: أُحَذِّرُكَها يا خالد فإن لها شدّة لا يقوم لها شيء، فعمد خالد إلى العُزَّى فهشم أنفها حتى كسرها بالفأس. وتخويفهم لخالد تخويف للنبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه الذي وجه خالداً. ويدخل في الآية تخويفهم النبيّ صلى الله عليه وسلم بكثرة جمعهم وقوتهم؛ كما قال: { { أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُّنتَصِرٌ } [القمر: 44]. { وَمَن يُضْـلِلِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَـادٍ } تقدم. { وَمَن يَهْدِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّضِلٍّ أَلَيْسَ ٱللَّهُ بِعَزِيزٍ ذِي ٱنتِقَامٍ } أي ممن عاداه أو عادى رسله.