التفاسير

< >
عرض

فَكَيْفَ إِذَآ أَصَٰبَتْهُمْ مُّصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَآءُوكَ يَحْلِفُونَ بِٱللَّهِ إِنْ أَرَدْنَآ إِلاَّ إِحْسَٰناً وَتَوْفِيقاً
٦٢
أُولَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ يَعْلَمُ ٱللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُل لَّهُمْ فِيۤ أَنْفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً
٦٣
-النساء

الجامع لاحكام القرآن

أي { فَكَيْفَ } يكون حالهم، أو { فَكَيْفَ } يصنعون { إِذَآ أَصَابَتْهُمْ مُّصِيبَةٌ } أي مِن ترك الاستعانة بهم، وما يلحقهم من الذل في قوله: { { فَقُلْ لَّن تَخْرُجُواْ مَعِيَ أَبَداً وَلَن تُقَاتِلُواْ مَعِيَ عَدُوّاً } [التوبة: 83]. وقيل: يريد قتل صاحبهم { بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ } وتم الكلام. ثم ٱبتدأ يُخبر عن فعلهم؛ وذلك أن عمر لما قَتَل صاحبَهم جاء قومُه يطلبون دِيتَه ويحلفون ما نريد بطلب دِيته إلاَّ الإحسان وموافقة الحقّ. وقيل: المعنى ما أردنا بالعدول عنك في المحاكمة إلاَّ التوفيق بين الخصوم، والإحسان بالتقريب في الحكم. ٱبن كَيْسان؛ عدلاً وحقاً؛ نظيرها { { وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ ٱلْحُسْنَىٰ } [التوبة: 107] فقال الله تعالىٰ مكذِّباً لهم: { أُولَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ يَعْلَمُ ٱللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ } قال الزجاج: معناه قد علم الله أنهم منافقون. والفائدة لنا: اعلموا أنهم منافقون. { فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ } قيل: عن عقابهم. وقيل: عن قبول ٱعتذارهم { وَعِظْهُمْ } أي خوّفهم. قيل في المَلأَ. { وَقُل لَّهُمْ فِيۤ أَنْفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً } أي ٱزجرهم بأبلغ الزّجر في السرّ والخلاء. الحسن: قل لهم إن أظهرتم ما في قلوبكم قَتَلتكُم. وقد بلغ القول بلاغة؛ ورجل بليغٌ يَبلغُ بلسانه كُنْه ما في قلبه. والعرب تقول: أَحْمَقُ بَلْغٌ وبِلْغٌ، أي نهاية في الحَمَاقة. وقيل: معناه يبلغ ما يريد وإن كان أَحْمَقَ. ويقال: إن قوله تعالىٰ: { فَكَيْفَ إِذَآ أَصَابَتْهُمْ مُّصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ } نزل في شأن الذين بَنَوْا مسجد الضِّرار؛ فلما أظهر الله نفاقهم، وأمرهم بهدم المسجد حلفوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم دفاعاً عن أنفسهم: ما أردنا ببناء المسجد إلاَّ طاعة الله وموافقة الكتاب.