التفاسير

< >
عرض

وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَٱسْتَحَبُّواْ ٱلْعَمَىٰ عَلَى ٱلْهُدَىٰ فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ ٱلْعَذَابِ ٱلْهُونِ بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ
١٧
وَنَجَّيْنَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يتَّقُونَ
١٨
-فصلت

الجامع لاحكام القرآن

قوله تعالى: { وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ } أي بينا لهم الهدى والضلال؛ عن ابن عباس وغيره. وقرأ الحسن وابن أبي إسحاق وغيرهما «وَأَمَّا ثَمُودَ» بالنصب وقد مضى الكلام فيه في «الأعراف». { فَٱسْتَحَبُّواْ ٱلْعَمَىٰ عَلَى ٱلْهُدَىٰ } أي اختاروا الكفر على الإيمان. وقال أبو العالية: اختاروا العمى على البيان. السدي: اختاروا المعصية على الطاعة. { فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ ٱلْعَذَابِ ٱلْهُونِ } «الْهُونِ» بالضم الهوان. وهون بن خُزَيْمة بن مدركة بن إلياس بن مُضَر أخو كنانة وأسد. وأهانه: استخف به. والاسم الهوان والمهانة. وأضيف الصاعقة إلى العذاب، لأن الصاعقة اسم للمبيد المهلك، فكأنه قال مهلك العذاب؛ أي العذاب المهلك. والهون وإن كان مصدراً فمعناه الإهانة والإهانة عذاب، فجاز أن يجعل أحدهما وصفاً للآخر؛ فكأنه قال: صاعقة الهون. وهو كقولك: عندي علم اليقين، وعندي العلم اليقين. ويجوز أن يكون الهون اسماً مثل الدون؛ يقال؛ عذاب هون أي مُهين؛ كما قال: { مَا لَبِثُواْ فِي ٱلْعَذَابِ ٱلْمُهِينِ } [سبأ: 14]. وقيل: أي صاعقة العذاب ذي الهون. { بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ } من تكذيبهم صالحاً وعقرهم الناقة، على ما تقدّم. { وَنَجَّيْنَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } يعني صالحاً ومن آمن به؛ أي ميزناهم عن الكفار، فلم يحلّ بهم ما حلّ بالكفار، وهكذا يا محمد نفعل بمؤمني قومك وكفارهم.