التفاسير

< >
عرض

وَلَمَّا جَآءَ عِيسَىٰ بِٱلْبَيِّنَاتِ قَالَ قَدْ جِئْتُكُم بِٱلْحِكْمَةِ وَلأُبَيِّنَ لَكُم بَعْضَ ٱلَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُونِ
٦٣
إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَٱعْبُدُوهُ هَـٰذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ
٦٤
-الزخرف

الجامع لاحكام القرآن

قوله تعالى:{ وَلَمَّا جَآءَ عِيسَىٰ بِٱلْبَيِّنَاتِ } قال ابن عباس: يريد إحياء الموتى وإبراء الأسقام، وخَلْقَ الطير، والمائدة وغيرها، والإخبار بكثير من الغيوب. وقال قتادة: البينات هنا الإنجيل. { قَالَ قَدْ جِئْتُكُم بِٱلْحِكْمَةِ } أي النبوّة؛ قاله السُّدّي. ابن عباس: علم ما يؤدي إلى الجميل ويكف عن القبيح. وقيل الإنجيل؛ ذكره القشيري والماوردي. { وَلأُبَيِّنَ لَكُم بَعْضَ ٱلَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ } (قال مجاهد: من تبديل التوراة. الزجاج: المعنى لأبين لكم في الإنجيل بعض الذي تختلفون فيه من تبديل التوراة. قال مجاهد: وبيّن لهم في غير الإنجيل ما احتاجوا إليه. وقيل: بيّن لهم بعض الذي اختلفوا فيه من أحكام) التوراة على قدر ما سألوه. ويجوز أن يختلفوا في أشياء غير ذلك لم يسألوه عنها. وقيل: إن بني إسرائيل اختلفوا بعد موت موسى في أشياء من أمر دينهم وأشياء من أمر دنياهم فبيّن لهم أمر دينهم. ومذهب أبي عبيدة أن البعض بمعنى الكل؛ ومنه قوله تعالى: { يُصِبْكُمْ بَعْضُ ٱلَّذِي يَعِدُكُمْ } [غافر: 28]. وأنشد الأخفش قول لبيد:

تراك أمكنة إذا لم أرضهاأو تعتلق بعض النفوس حِمامها

والموت لا يعتلق بعض النفوس دون بعض. ويقال للمنية: عَلُوق وعَلاّقة. قال المفضل البكري:

وسائلة بثَعْلَبَة بن سَيْروقد عَلِقت بثعلبة العَلُوقُ

وقال مقاتل: هو كقوله: { وَلأُحِلَّ لَكُم بَعْضَ ٱلَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ } [آل عمران:50]. يعني ما أحل في الإنجيل مما كان محرّماً في التوراة؛ كلحم الإبل والشحم من كل حيوان وصيد السمك يوم السبت. { فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ } أي ٱتقوا الشرك ولا تعبدوا إلا الله وحده؛ وإذا كان هذا قول عيسى فكيف يجوز أن يكون إِلٰهاً أو ٱبن إلٰه. { وَأَطِيعُونِ } فيما أدعوكم إليه من التوحيد وغيره. { إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَٱعْبُدُوهُ هَـٰذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ } أي عبادة الله صراط مستقيم، وما سواه معوّج لا يؤدّي سالكه إلى الحق.