التفاسير

< >
عرض

وَيُعَذِّبَ ٱلْمُنَافِقِينَ وَٱلْمُنَافِقَاتِ وَٱلْمُشْرِكِينَ وَٱلْمُشْرِكَاتِ ٱلظَّآنِّينَ بِٱللَّهِ ظَنَّ ٱلسَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَآئِرَةُ ٱلسَّوْءِ وَغَضِبَ ٱللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَآءَتْ مَصِيراً
٦
وَلِلَّهِ جُنُودُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَكَانَ ٱللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً
٧
-الفتح

الجامع لاحكام القرآن

قوله تعالى:{ وَيُعَذِّبَ ٱلْمُنَافِقِينَ وَٱلْمُنَافِقَاتِ وَٱلْمُشْرِكِينَ وَٱلْمُشْرِكَاتِ } أي بإيصال الهموم إليهم بسبب عُلُوّ كلمة المسلمين، وبأن يسلط النبيّ عليه السلام قَتْلاً وَأَسْراً واسترقاقاً. { ٱلظَّآنِّينَ بِٱللَّهِ ظَنَّ ٱلسَّوْءِ } يعني ظنّهم أن النبيّ صلى الله عليه وسلم لا يرجع إلى المدينة، ولا أحد من أصحابه حين خرج إلى الحديبية، وأن المشركين يستأصلونهم. كما قال: «بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُوْمِنُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ أَبَداً». وقال الخليل وسِيبويه: «السّوء» هنا الفساد. { عَلَيْهِمْ دَآئِرَةُ ٱلسَّوْءِ } في الدنيا بالقتل والسَّبْي والأسر، وفي الآخرة بجهنم. وقرأ ابن كثير وأبو عمرو «دائرة السوء» بالضم. وفتح الباقون. قال الجوهري: ساءه يسوءه سَوءاً (بالفتح) ومَسَاءة ومَساية؛ نقيض سرّه، والاسم السُّوء (بالضم). وقرىء «عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السُّوءِ» يعني الهزيمة والشر. ومن فتح فهو من المساءة. { وَغَضِبَ ٱللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَآءَتْ مَصِيراًوَلِلَّهِ جُنُودُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ وَكَانَ ٱللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً }. تقدّم في غير موضع جميعه، والحمد لله. وقيل: لما جرى صلح الحديبية قال ابن أُبَيّ: أيظن محمد أنه إذا صالح أهل مكة أو فتحها لا يبقى له عدوّ، فأين فارس والروم! فبين الله عز وجل أن جنود السموات والأرضِ أكثر من فارس والروم. وقيل: يدخل فيه جميع المخلوقات. وقال ٱبن عباس: «وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَوَاتِ» الملائكة. وجنود الأرض المؤمنون. وأعاد لأن الذي سبق عقيب ذكر المشركين من قريش، وهذا عقيب ذكر المنافقين وسائر المشركين. والمراد في الموضعين التخويف والتهديد. فلو أراد إهلاك المنافقين والمشركين لم يعجزه ذلك، ولكن يؤخرهم إلى أجل مُسَمًّى.