التفاسير

< >
عرض

وَفِي مُوسَىٰ إِذْ أَرْسَلْنَاهُ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ
٣٨
فَتَوَلَّىٰ بِرُكْنِهِ وَقَالَ سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ
٣٩
فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي ٱلْيَمِّ وَهُوَ مُلِيمٌ
٤٠
-الذاريات

الجامع لاحكام القرآن

قوله تعالى: { وَفِي مُوسَىٰ } أي وتركنا أيضاً في قصة موسى آية. وقال الفراء: هو معطوف على قوله: { وَفِي ٱلأَرْضِ آيَاتٌ } «وَفِي مُوسَى». { إِذْ أَرْسَلْنَاهُ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ } أي بحجة بيِّنة وهي العصا. وقيل: أي بالمعجزات من العصا وغيرها.

قوله تعالى: { فَتَوَلَّىٰ بِرُكْنِهِ } أي فرعون أعرض عن الإيمان «بِرُكْنِهِ» أي بجموعه وأجناده؛ قاله ٱبن زيد. وهو معنى قول مجاهد، ومنه قوله: { { أَوْ آوِيۤ إِلَىٰ رُكْنٍ شَدِيدٍ } [هود: 80] يعني المنعة والعشيرة. وقال ابن عباس وقتادة: بقوته. ومنه قول عنترة:

فما أَوْهَى مِرَاسُ الْحَرْبِ رُكْنِيولَكِنْ مَا تَقَادَمَ مِن زَمَانِي

وقيل: بنفسه. وقال الأخفش: بجانبه؛ كقوله تعالى: { { أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ } [الإسراء: 83] وقاله المؤرِّج. الجوهري: ورُكْن الشيء جانبه الأقوى، وهو يأوي إلى ركن شديد أي عزة ومنعة. القشيري: والركن جانب البدن. وهذا عبارة عن المبالغة في الإعراض عن الشيء. { وَقَالَ سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ } «أو» بمعنى الواو، لأنهم قالوها جميعاً. قاله المؤرج والفراء، وأنشد بيت جرير:

أَثَعْلَبَة الفَوَارِسَ أَو رِيَاحَاعَدَلْتَ بِهِم طُهَيَّةَ والْخِشَابَا

وقد توضع «أو» بمعنى الواو؛ كقوله تعالى: { { وَلاَ تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً } [الإنسان: 24] والواو بمعنى أو، كقوله تعالى: { { فَٱنكِحُواْ مَا طَابَ لَكُمْ مِّنَ ٱلنِّسَآءِ مَثْنَىٰ وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ } } [النساء: 3] وقد تقدّم جميع هذا. { فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ } لكفرهم وتوليهم عن الإيمان. { فَنَبَذْنَاهُمْ } أي طرحناهم { فِي ٱلْيَمِّ وَهُوَ مُلِيمٌ } يعني فرعون، لأنه أتى ما يلام عليه.