التفاسير

< >
عرض

إِنَّ ٱلْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ
١٧
فَاكِهِينَ بِمَآ آتَاهُمْ رَبُّهُمْ وَوَقَاهُمْ رَبُّهُمْ عَذَابَ ٱلْجَحِيمِ
١٨
كُلُواْ وَٱشْرَبُواْ هَنِيئَاً بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ
١٩
مُتَّكِئِينَ عَلَىٰ سُرُرٍ مَّصْفُوفَةٍ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ
٢٠
-الطور

الجامع لاحكام القرآن

قوله تعالى: { إِنَّ ٱلْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ } لما ذكر حال الكفار ذكر حال المؤمنين أيضاً { فَاكِهِينَ } أي ذوي فاكهة كثيرة؛ يقال: رجل فاكه أي ذو فاكهة، كما يقال: لابِنٌ وتامِرٌ؛ أي ذو لبن وتمر؛ قال:

وغَرَرْتَنِي وزعمتَ أَنــكَ لابِنٌ بالصَّيْفِ تَامِرْ

أي ذو لبن وتمر. وقرأ الحسن وغيره: «فَكِهِينَ» بغير ألف ومعناه معجبين ناعمين في قول ٱبن عباس وغيره؛ يقال: فَكِه الرجلُ بالكسر فهو فِكهٌ إذا كان طيّب النفس مزاحاً. والفكه أيضاً الأشِر البِطر. وقد مضى في «الدخان» القول في هذا. { بِمَآ آتَاهُمْ } أي أعطاهم { رَبُّهُمْ وَوَقَاهُمْ رَبُّهُمْ عَذَابَ ٱلْجَحِيمِ }. { كُلُواْ وَٱشْرَبُواْ } أي يقال لهم ذلك. { هَنِيئَاً } الهنيء ما لا تنغيص فيه ولا نكد ولا كدر. قال الزجاج: أي ليهنئكم ما صرتم إليه «هَنِيئاً». وقيل: أي مُتِّعتم بنعيم الجنة إمتاعاً هنيئاً. وقيل: أي كلوا وٱشربوا هنئتم «هَنِيئاً» فهو صفة في موضع المصدر. وقيل: «هَنِيئاً» أي حلالاً. وقيل: لا أذى فيه ولا غائلة. وقيل: «هَنِيئاً» أي لا تموتون؛ فإن ما لا يبقى أو لا يبقى الإنسان معه منغص غير هنيء.

قوله تعالى: { مُتَّكِئِينَ عَلَىٰ سُرُرٍ } سُرُر جمع سرير وفي الكلام حذف تقديره: متكئين على نمارق سرر. { مَّصْفُوفَةٍ } قال ٱبن الأعرابي: أي موصولة بعضها إلى بعض حتى تصير صفًّا. وفي الأخبار أنها تصفّ في السماء بطول كذا وكذا؛ فإذا أراد العبد أن يجلس عليها تواضعت له، فإذا جلس عليها عادت إلى حالها. قال ٱبن عباس: هي سرر من ذهب مكلّلة بالزبرجد والدر والياقوت، والسرير ما بين مكة وأيلة. { وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ } أي قرنَّاهم بهنّ. قال يونس بن حبيب: تقول العرب زوجته ٱمرأة وتزوّجت ٱمرأة؛ وليس من كلام العرب تزوّجت بامرأة. قال: وقول الله عز وجل: { وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ } أي قرنَّاهم بهنّ؛ من قول الله تعالى: { { ٱحْشُرُواْ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ وَأَزْوَاجَهُمْ } [الصافات: 22] أي وقرناءهم. وقال الفرّاء: تزوّجت بامرأة لغة في أزد شنوءة. وقد مضى القول في معنى الحور العين.