قوله تعالى: { ذَوَاتَآ أَفْنَانٍ } قال ٱبن عباس وغيره: أي ذواتا ألوان من الفاكهة الواحد فنّ. وقال مجاهد: الأفنان الأغصان واحدها فنن؛ قال النابغة:
بكاء حمامةٍ تَدْعو هَدِيلاًمُفَجَّعَةٍ على فَنَنٍ تُغنِّي
وقال آخر يصف طائرين:باتا على غُصْنِ بَانٍ في ذُرَى فَنَنٍيُرَددانِ لُحوناً ذاتَ أَلْوَانِ
أراد باللحون اللغات. وقال آخر:ما هاجَ شَوْقَك مِن هَدِيلِ حمامةٍتَدْعو على فَنَنِ الغُصونِ حَمامَا
تدعو أبا فَرْخَيْن صادف ضارِياًذا مِخْلَبَيْنِ مِن الصُّقورِ قَطَامَا
والفنن جمعه أفنان ثم الأفانين؛ وقال يصف رَحىً:لها زِمـامٌ مِـن أفانِيـنِ الشَّجَـرْ
وشجرة فَنَّاء أي ذات أفنان وفنواء أيضاً على غير قياس. وفي الحديث: "أن أهل الجنة مُرْدٌ مكحَّلون أولو أفانين" يريد أولو فَنَن وهو جمع أفنان، وأفنان جمع فننٍ وهو الخُصْلة من الشعر شبّه بالغصن. ذكره الهروي. وقيل: { ذَوَاتَآ أَفْنَانٍ } أي ذواتاً سعة وفضل على ما سواهما؛ قاله قتادة. وعن مجاهد أيضاً وعكرمة: إن الأفنان ظل الأغصان على الحيطان. قوله تعالى: { فِيهِمَا عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ } أي في كل واحدة منهما عين جارية. قال ٱبن عباس: تجريان ماءً بالزيادة والكرامة من الله تعالى على أهل الجنة. وعن ٱبن عباس أيضاً والحسن: تجريان بالماء الزّلال؛ إحدى العينين التسنيم والأخرى السلسبيل. وعنه أيضاً: عينان مثل الدنيا أضعافاً مضاعفةً، حصباؤها الياقوت الأحمر والزَّبَرْجَد الأخضر، وترابهما الكافور، وحمأتهما المسك الأذفر، وحافتاهما الزعفران. وقال عطية: إحداهما من ماء غير آسن، والأخرى من خمر لذة للشاربين. وقيل: تجريان من جبل من مسك. وقال أبو بكر الوّراق: فيهما عينان تجريان لمن كانت عيناه في الدنيا تجريان من مخافة الله عز وجل.