التفاسير

< >
عرض

كَأَنَّهُنَّ ٱلْيَاقُوتُ وَٱلْمَرْجَانُ
٥٨
فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ
٥٩
هَلْ جَزَآءُ ٱلإِحْسَانِ إِلاَّ ٱلإِحْسَانُ
٦٠
فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ
٦١
-الرحمن

الجامع لاحكام القرآن

قوله تعالى: { كَأَنَّهُنَّ ٱلْيَاقُوتُ وَٱلْمَرْجَانُ } روى الترمذي عن عبد الله بن مسعود عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "إن المرأة من نساء أهل الجنة ليرى بياض ساقيها من وراء سبعين حُلّة حتى يرى مخها" وذلك بأن الله تعالى يقول: { كَأَنَّهُنَّ ٱلْيَاقُوتُ وَٱلْمَرْجَانُ } فأما الياقوت فإنه حجر لو أدخلت فيه سِلكاً ثم ٱستصفيته لأرِيته من ورائه ويروى موقوفاً. وقال عمرو بن ميمون: إن المرأة من الحور العين لتلبس سبعين حُلّة فيرى مخ ساقها من وراء ذلك، كما يرى الشراب الأحمر في الزجاجة البيضاء. وقال الحسن: هنّ في صفاء الياقوت، وبياض المرجان.

قوله تعالى: { هَلْ جَزَآءُ ٱلإِحْسَانِ إِلاَّ ٱلإِحْسَانُ } «هَلْ» في الكلام على أربعة أوجه: تكون بمعنى قد كقوله تعالى: { { هَلْ أَتَىٰ عَلَى ٱلإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ ٱلدَّهْرِ } [الإنسان:1]، وبمعنى الاستفهام كقوله تعالى: { فَهَلْ وَجَدتُّم مَّا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقّاً } [الأعراف:44]، وبمعنى الأمر كقوله تعالى: { { فَهَلْ أَنْتُمْ مُّنتَهُونَ } [المائدة:91]، وبمعنى ما في الجحد كقوله تعالى: { { فَهَلْ عَلَى ٱلرُّسُلِ إِلاَّ ٱلْبَلاغُ } [النحل:35]، و { هَلْ جَزَآءُ ٱلإِحْسَانِ إِلاَّ ٱلإِحْسَانُ }. قال عكرمة: أي هل جزاء من قال لا إلٰه إلا الله إلا الجنة. ٱبن عباس: ما جزاء من قال لا إله إلا الله وعمل بما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم إلا الجنة. وقيل: هل جزاء من أحسن في الدنيا إلا أن يحسن إليه في الآخرة؛ قاله ٱبن زيد. وروى أنس " أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قرأ { هَلْ جَزَآءُ ٱلإِحْسَانِ إِلاَّ ٱلإِحْسَانُ } ثم قال:هل تدرون ماذا قال ربكم قالوا الله ورسوله أعلم؛ قال: يقول ما جزاء من أنعمت عليه بالتوحيد إلا الجنة" . وروى ٱبن عباس أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قرأ هذه الآية فقال: "يقول الله هل جزاء من أنعمت عليه بمعرفتي وتوحيدي إلا أن أسكنه جنتي وحظِيرة قُدْسي برحمتي" وقال الصادق: هل جزاء من أحسنت عليه في الأزل إلا حفظ الإحسان عليه في الأبد. وقال محمد بن الحنفية والحسن: هي مُسْجَلة للبَرّ والفاجر؛ أي مرسلة على الفاجر في الدنيا والبر في الآخرة.