التفاسير

< >
عرض

سَبَّحَ للَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ
١
لَهُ مُلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ يُحْيِـي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
٢
هُوَ ٱلأَوَّلُ وَٱلآخِرُ وَٱلظَّاهِرُ وَٱلْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ
٣
-الحديد

الجامع لاحكام القرآن

قوله تعالى: { سَبَّحَ للَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ } أي مَجِّد الله ونزّهه عن السوء. وقال ٱبن عباس: صلّى للَّهِ «مَا فيِ السَّمَوَاتِ» ممن خلق من الملائكة «وَالأَرْضِ» من شيء فيه رُوح أو لا رُوح فيه. وقيل: هو تسبيح الدلالة. وأنكر الزجاج هذا وقال: لو كان هذا تسبيح الدلالة وظهورِ آثار الصنعة لكانت مفهومة؛ فلِم قال: { { وَلَـٰكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ } [الإسراء:44] وإنما هو تسبيح مقال. وٱستدلّ بقوله تعالى: { { وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ ٱلْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ } [الأنبياء:79] فلو كان هذا تسبيح دلالة فأيّ تخصيص لداود؟!

قلت: وما ذكره هو الصحيح، وقد مضى بيانه والقول فيه في «سبحان» عند قوله تعالى: { { وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ } [الإسراء:44] { وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ }.

قوله تعالى: { لَهُ مُلْكُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ } أي ٱنفرد بذلك. والْملكُ عبارة عن المَلْك ونفوذ الأمر فهو سبحانه الملك القادر القاهر. وقيل: أراد خزائن المطر والنبات وسائر الرزق. { يُحْيِـي وَيُمِيتُ } يميت الأحياء في الدنيا ويحيي الأموات للبعث. وقيل: يُحيي النطف وهي موات ويُميت الأحياء. وموضع { يُحْيِـي وَيُمِيتُ } رفع على معنى وهو يحيي ويميت. ويجوز أن يكون نصباً بمعنى { لَهُ مُلْكُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ } محييا ومميتا على الحال من المجرور في «لَهُ» والجار عاملاً فيها. { وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } أي الله لا يعجزه شيء.

قوله تعالى: { هُوَ ٱلأَوَّلُ وَٱلآخِرُ وَٱلظَّاهِرُ وَٱلْبَاطِنُ } ٱختلف في معاني هذه الأسماء وقد بيناها في الكتاب الأسنى. وقد شرحها رسول الله صلى الله عليه وسلم شرحاً يغني عن قول كل قائل؛ فقال في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة: "اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء وأنت الآخر فليس بعدك شيء وأنت الظاهر فليس فوقك شيء وأنت الباطن فليس دونك شيء ٱقض عنا الدين وٱغننا من الفقر" عنى بالظاهر الغالب، وبالباطن العالم؛ والله أعلم. { وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } بما كان أو يكون فلا يخفى عليه شيء.