التفاسير

< >
عرض

آمِنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنفِقُواْ مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مِنكُمْ وَأَنفَقُواْ لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ
٧
وَمَا لَكُمْ لاَ تُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُواْ بِرَبِّكُمْ وَقَدْ أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ إِن كُنتُمْ مُّؤْمِنِينَ
٨
هُوَ ٱلَّذِي يُنَزِّلُ عَلَىٰ عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِّيُخْرِجَكُمْ مِّنَ ٱلظُّلُمَاتِ إِلَى ٱلنُّورِ وَإِنَّ ٱللَّهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ
٩
-الحديد

الجامع لاحكام القرآن

قوله تعالى: { آمِنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ } أي صدّقوا أن الله واحد وأن محمداً رسوله { وَأَنفِقُواْ } تصدّقوا. وقيل أنفقوا في سبيل الله. وقيل: المراد الزكاة المفروضة. وقيل: المراد غيرها من وجوه الطاعات وما يقرب منه { مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ } دليل على أن أصل الملك لله سبحانه، وأن العبد ليس له فيه إلا التصرف الذي يرضي الله فيثيبه على ذلك بالجنة. فمن أنفق منها في حقوق الله وهان عليه الإنفاق منها، كما يهون على الرجل النفقة من مال غيره إذا أذن له فيه، كان له الثواب الجزيل والأجر العظيم. وقال الحسن: { مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ } بوراثتكم إياه عمن كان قبلكم. وهذا يدل على أنها ليست بأموالكم في الحقيقة، وما أنتم فيها إلا بمنزلة النوّاب والوكلاء، فاغتنموا الفرصة فيها بإقامة الحق قبل أن تزال عنكم إلى من بعدكم. { فَٱلَّذِينَ آمَنُواْ } وعملوا الصالحات { مِنكُمْ وَأَنفَقُواْ } في سبيل الله { لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ } وهو الجنة.

قوله تعالى: { وَمَا لَكُمْ لاَ تُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ } ٱستفهام يراد به التوبيخ. أي أيّ عذر لكم في ألاّ تؤمنوا وقد أزيحت العلل؟! { وَٱلرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ } بيّن بهذا أنه لا حكم قبل ورود الشرائع. وقرأ أبو عمرو: { وَقَدْ أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ } على غير مسمى الفاعل. والباقون على مسمَّى الفاعل؛ أي أخذ الله مِيثاقكم. قال مجاهد: هو الميثاق الأوّل الذي كان وهم في ظهر آدم بأن الله ربكم لا إلٰه لكم سواه. وقيل: أخذ مِيثاقكم بأن ركّب فيكم العقول، وأقام عليكم الدلائل والحجج التي تدعو إلى متابعة الرسول { إِن كُنتُمْ مُّؤْمِنِينَ } أي إذ كنتم. وقيل: أي إن كنتم مؤمنين بالحجج والدلائل. وقيل: أي إن كنتم مؤمنين بحق يوماً من الأيام؛ فالآن أحرى الأوقات أن تؤمنوا لقيام الحجج والأعلام ببعثة محمد صلى الله عليه وسلم فقد صحت براهينه. وقيل: إن كنتم مؤمِنين بالله خالقكم. وكانوا يعترفون بهذا. وقيل: هو خطاب لقوم آمنوا وأخذ النبيّ صلى الله عليه وسلم ميثاقهم فارتدوا. وقوله: { إِن كُنتُمْ مُّؤْمِنِينَ } أي إن كنتم تقرون بشرائط الإيمان.

قوله تعالى: { هُوَ ٱلَّذِي يُنَزِّلُ عَلَىٰ عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ } يريد القرآن. وقيل: المعجزات؛ أي لزمكم الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم؛ لما معه من المعجزات، والقرآنُ أكبرها وأعظمها. { لِّيُخْرِجَكُمْ } أي بالقرآن. وقيل: بالرسول. وقيل: بالدعوة. { مِّنَ ٱلظُّلُمَاتِ } وهو الشرك والكفر { إِلَى ٱلنُّورِ } وهو الإيمان. { وَإِنَّ ٱللَّهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ }.