التفاسير

< >
عرض

لِلْفُقَرَآءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ ٱللَّهِ وَرِضْوَاناً وَيَنصُرُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلصَّادِقُونَ
٨
-الحشر

الجامع لاحكام القرآن

أي الفَيءُ والغنائم { لِلْفُقَرَآءِ الْمُهَاجِرِينَ }. وقيل: { كَيْ لاَ يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ ٱلأَغْنِيَآءِ } ولكن يكون «لِلْفُقَراءِ». وقيل: هو بيان لقوله: وَلِذِي القُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَاْبنِ السَّبِيلِ» فلما ذُكروا بأصنافهم قيل المال لهؤلاء، لأنهم فقراء ومهاجرين وقد أُخرجوا من ديارهم؛ فهم أحق الناس به. وقيل: { وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَىٰ مَن يَشَآءُ } للفقراء المهاجرين لكيلا يكون المال دولة للأغنياء من بني الدنيا. وقيل: والله شديد العقاب للمهاجرين؛ أي شديد العقاب للكفار بسبب الفقراء المهاجرين ومن أجلهم. ودخل في هؤلاء الفقراء المتقدم ذكرهم في قوله تعالى: { وَلِذِي ٱلْقُرْبَىٰ وَٱلْيَتَامَىٰ }. وقيل: هو عطف على ما مضى، ولم يأت بواو العطف كقولك: هذا المال لزيد لِبَكْر لفلان لفلان. والمهاجرون هنا: من هاجر إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم حُبَّاً فيه ونُصْرَةً له. قال قتادة: هؤلاء المهاجرون الذين تركوا الديار والأموال والأهلين والأوطان حبّاً لله ولرسوله، حتى إن الرجل منهم كان يَعْصِب الحجر على بطنه ليقيم به صلبه من الجوع، وكان الرجل يتخذ الحَفِيرة في الشتاء ما له دِثار غيرها. وقال عبد الرحمن بن أبزَى وسعيد ابن جُبَير: كان ناس من المهاجرين لأحدهم العبد والزوجة والدار والناقة يحجّ عليها ويغزو، فنسبهم الله إلى الفقراء وجعل لهم سهماً في الزكاة. ومعنى { أُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِمْ } أي أخرجهم كفار مكة؛ أي أحوَجُوهم إلى الخروج؛ وكانوا مائة رجل. { يَبْتَغُونَ } يطلبون. { فَضْلاً مِّنَ ٱللَّهِ } أي غنيمة في الدنيا { وَرِضْوَاناً } في الآخرة؛ أي مرضاة ربهم. { وَيَنصُرُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ } في الجهاد في سبيل الله. { أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلصَّادِقُونَ } في فعلهم ذلك. وروي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه خطب بالجابية فقال: من أراد أن يسأل عن القرآن فليأت أُبَيّ بن كعب، ومن أراد أن يسأل عن الفرائض فليأت زيد بن ثابت، ومن أراد أن يسأل عن الفقه فليأت معاذ بن جبل، ومن أراد أن يسأل عن المال فليأتني؛ فإن الله تعالى جعلني له خازناً وقاسماً. ألاَ وإني بادٍ بأزواج النبي صلى الله عليه وسلم فمعطيهن، ثم المهاجرين الأولين؛ أنا وأصحابي.أُخرِجنا من مكة من ديارنا وأموالنا.