التفاسير

< >
عرض

قُلْ فَلِلَّهِ ٱلْحُجَّةُ ٱلْبَالِغَةُ فَلَوْ شَآءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ
١٤٩
-الأنعام

الجامع لاحكام القرآن

قوله تعالى: { قُلْ فَلِلَّهِ ٱلْحُجَّةُ ٱلْبَالِغَةُ } أي التي تقطع عذر المحجوج؛ وتزيل الشك عمن نظر فيها. فحجَّته البالغة على هذا تبيينه أنه الواحد، وإرسالُه الرسل والأنبياء؛ فبيّن التوحيد بالنظر في المخلوقات، وأيد الرسل بالمعجزات، ولزم أمره كلّ مكلَّف. فأما علمه وإرادته وكلامه فغَيْب لا يطّلع عليه العبد، إلا من ٱرتضى من رسول. ويكفي في التكليف أن يكون العبد بحيث لو أراد أن يفعل ما أُمر به لأمكنه. وقد لَبَّست المعتزلة بقوله: «لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا» فقالوا: قد ذم الله هؤلاء الذين جعلوا شركهم عن مشيئته. وتعلّقهم بذلك باطل؛ لأن الله تعالى إنما ذمّهم على ترك ٱجتهادهم في طلب الحق. وإنما قالوا ذلك على جهة الهزء واللّعب. نظيره { { وَقَالُواْ لَوْ شَآءَ ٱلرَّحْمَـٰنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ } [الزخرف: 20]. ولو قالوه على جهة التعظيم والإجلال والمعرفة به لما عابهم؛ لأن الله تعالى يقول: { وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ مَآ أَشْرَكُواْ } [الأنعام: 107]. و { مَّا كَانُواْ لِيُؤْمِنُوۤاْ إِلاَّ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ } [الأنعام: 111]. { وَلَوْ شَآءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ } [النحل: 9]. ومثله كثير. فالمؤمنون يقولونه لعلم منهم بالله تعالى.