التفاسير

< >
عرض

لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو ٱللَّهَ وَٱلْيَوْمَ ٱلآخِرَ وَمَن يَتَوَلَّ فَإِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْغَنِيُّ ٱلْحَمِيدُ
٦
عَسَى ٱللَّهُ أَن يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ ٱلَّذِينَ عَادَيْتُم مِّنْهُم مَّوَدَّةً وَٱللَّهُ قَدِيرٌ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ
٧
-الممتحنة

الجامع لاحكام القرآن

قوله تعالى: { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ }. أي في إبراهيم ومن معه من الأنبياء والأولياء. { أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ } أي في التبرّؤ من الكفار. وقيل: كرّر للتأكيد. وقيل: نزل الثاني بعد الأول بمدة؛ وما أكثر المكررات في القرآن على هذا الوجه. { وَمَن يَتَوَلَّ } أي عن الإسلام وقبول هذه المواعظ { فَإِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْغَنِيُّ } أي لم يتعبّدهم لحاجته إليهم. { ٱلْحَمِيدُ } في نفسه وصفاته. ولما نزلت عادى المسلمون أقرباءهم من المشركين؛ فعلم الله شدة وجد المسلمين في ذلك فنزلت: { عَسَى ٱللَّهُ أَن يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ ٱلَّذِينَ عَادَيْتُم مِّنْهُم مَّوَدَّةً } وهذا بأن يُسلم الكافر. وقد أسلم قوم منهم بعد فتح مكة وخالطهم المسلمون؛ كأبي سفيان بن حرب، والحارث بن هشام، وسُهيل بن عمرو، وحكيم بن حِزام. وقيل: المودّة تزويج النبيّ صلى الله عليه وسلم أمَّ حَبيبة بنت أبي سفيان؛ فلانت عند ذلك عَرِيكة أبي سفيان، واسترخت شكيمته في العداوة. قال ابن عباس: كانت المودّة بعد الفتح تزويج النبيّ صلى الله عليه وسلم أمّ حبيبة بنت أبي سفيان؛ وكانت تحت عبد الله بن جَحْش، وكانت هي وزوجها من مهاجرة الحبشة. فأمّا زوجها فتنصّر وسألها أن تتابعه على دينه فأبت وصبرت على دينها، ومات زوجها على النصرانية. فبعث النبيّ صلى الله عليه وسلم إلى النجاشي فخطبها؛ فقال النجاشي لأصحابه: من أولاكم بها؟ قالوا: خالد بن سعيد بن العاص. قال فزوِّجْها من نبيّكم. ففعل؛ وأمهرها النجاشي من عنده أربعمائة دينار. وقيل: خطبها النبيّ صلى الله عليه وسلم إلى عثمان بن عَفّان، فلما زوّجه إياها بعث إلى النجاشي فيها؛ فساق عنه المهر وبعث بها إليه. فقال أبو سفيان وهو مشرك لما بلغه تزويج النبيّ صلى الله عليه وسلم ابنته: ذلك الفَحْلُ لا يُقْدَع أنْفُه. «يقدع» بالدال غير المعجمة؛ يقال: هذا فحل لا يقدع أنفه؛ أي لا يضرب أنفه. وذلك إذا كان كريماً.