التفاسير

< >
عرض

وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُواْ بِهِمْ وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ
٣
-الجمعة

الجامع لاحكام القرآن

قوله تعالى: { وَآخَرِينَ مِنْهُمْ } هو عطف على «الأمِّيين» أي بعث في الأميّين وبعث في آخرين منهم. ويجوز أن يكون منصوباً بالعطف على الهاء والميم في «يُعَلِّمُهُم وَيُزَكِّيِهمْ» أي يعلمهم ويعلم آخرين من المؤمنين؛ لأن التعليم إذا تناسق إلى آخر الزمان كان كله مسنداً إلى أوّله، فكأنه هو الذي تولّى كل ما وجد منه. { لَمَّا يَلْحَقُواْ بِهِمْ } أي لم يكونوا في زمانهم وسيجيئون بعدهم. قال ابن عمر وسعيد بن جبير: هم العجم. وفي صحيح البخاريّ ومسلم "عن أبي هريرة قال: كنا جلوساً عند النبيّ صلى الله عليه وسلم إذ نزلت عليه سورة الجمعة فلما قرأ { وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُواْ بِهِمْ } قال رجل: من هؤلاءِ يا رسول الله؟ فلم يراجعْه النبيّ صلى الله عليه وسلم حتى سأله مرة أو مرتين أو ثلاثاً. قال: وفينا سَلْمان الفارسي. قال: فوضع النبيّ صلى الله عليه وسلم يده على سلمان ثم قال:لو كان الإيمان عند الثُّرَياَّ لناله رجال من هؤلاء" . في رواية "لو كان الدِّين عند الثُّرَيَّا لذهب به رجل من فارس ـ أوقال ـ من أبناء فارس حتى يتناوله" لفظ مسلم. وقال عكرمة: هم التابعون. مجاهد: هم الناس كلهم؛ يعني من بعد العرب الذين بُعث فيهم محمد صلى الله عليه وسلم. وقاله ابن زيد ومقاتل بن حَيّان. قالا: هم من دخل في الإسلام بعد النبيّ صلى الله عليه وسلم إلى يوم القيامة. وروى سهل بن سعد السَّاعدي: أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "إن في أصلاب أمتي رجالاً ونساءً يدخلون الجنة بغير حساب ـ ثم تلا ـ { وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُواْ بِهِمْ }" . والقول الأوّل أثبت. وقد روي: أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "رأيتُني أسقي غنماً سوداً ثم أتبعتها غنماً عُفْراً أَوِّلْها يا أبا بكر فقال: يا رسول الله، أما السود فالعرب، وأما العُفْر فالعجم تتبعك بعد العرب. فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم: كذا أَوّلَها المَلَك" يعني جبريل عليه السلام. رواه ابن أبي لَيلَى عن رجل من أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم، وهو عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه.