التفاسير

< >
عرض

تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الغَيْظِ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَآ أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ
٨
قَالُواْ بَلَىٰ قَدْ جَآءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ ٱللَّهُ مِن شَيْءٍ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ كَبِيرٍ
٩
وَقَالُواْ لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِيۤ أَصْحَابِ ٱلسَّعِيرِ
١٠
فَٱعْتَرَفُواْ بِذَنبِهِمْ فَسُحْقاً لأَصْحَابِ ٱلسَّعِيرِ
١١
-الملك

الجامع لاحكام القرآن

قوله تعالى: { تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الغَيْظِ } يعني تتقطّع وينفصل بعضها من بعض؛ قاله سعيد بن جُبَير. وقال ابن عباس والضحاك وابن زيد: تتفرّق. «مِنَ الغَيْظِ» من شدّة الغيظ على أعداء الله تعالى. وقيل: «مِنَ الغَيْظِ» من الغليان. وأصل «تميّز» تتميز. { كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ } أي جماعة من الكفار. { سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَآ } على جهة التوبيخ والتقريع. { أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ } أي رسول في الدنيا ينذركم هذا اليوم حتى تحذروا. { قَالُواْ بَلَىٰ قَدْ جَآءَنَا نَذِيرٌ } أنذرنا وخوّفنا. { فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ ٱللَّهُ مِن شَيْءٍ } أي على ألسنتكم. { إِنْ أَنتُمْ } يا معشر الرسل. { إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ كَبِيرٍ } اعترفوا بتكذيب الرسل، ثم اعترفوا بجهلهم فقالوا وهم في النار: { لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ } من النذر ـ يعني الرسل ـ ما جاءوا به { أَوْ نَعْقِلُ } عنهم. قال ابن عباس: لو كنا نسمع الهدى أو نعقله، أو لو كنا نسمع سماع من يَعي ويفكّر، أو نعقل عقْلَ من يميّز وينظر. ودلّ هذا على أن الكافر لم يُعْطَ من العقل شيئاً. وقد مضى في «الطُّور» بيانه والحمد لله. { مَا كُنَّا فِيۤ أَصْحَابِ ٱلسَّعِيرِ } يعني ما كنا من أهل النار. وعن أبي سعيد الخُدرِيّ. عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لقد نَدِم الفاجر يوم القيامة قالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير فقال الله تعالى فاعترفوا بذنبهم" . أي بتكذيبهم الرسل. والذنب ها هنا بمعنى الجمع؛ لأن فيه معنى الفعل. يقال: خرج عطاء الناس أي أعطيتهم. { فَسُحْقاً لأَصْحَابِ ٱلسَّعِيرِ } أي فبُعْداً لهم من رحمة الله. وقال سعيد بن جُبير وأبو صالح: هو وادٍ في جهنم يقال له السَّحْق. وقرأ الكسائي وأبو جعفر «فَسُحُقاً» بضم الحاء، ورُوِيَت عن عليّ. الباقون بإسكانها، وهما لغتان مثل السُّحْتُ والرُّعُبُ. الزجاج: وهو منصوب على المصدر؛ أي أسحقهم الله سُحقاً؛ أي باعدهم بُعْداً. قال امرؤ القيس:

يجول بأطراف البلاد مُغَرّباًوتَسْحَقُه رِيح الصِّبَا كُلَّ مَسْحَقِ

وقال أبو عليّ: القياس إسحاقاً؛ فجاء المصدر على الحذف؛ كما قيل:

* وإن أهلك فذلك كان قدري

أي تقديري. وقيل: إن قوله تعالى: { إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ كَبِيرٍ } من قول خزنة جهنم لأهلها.