التفاسير

< >
عرض

فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ
٥
بِأَييِّكُمُ ٱلْمَفْتُونُ
٦
إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِٱلْمُهْتَدِينَ
٧
-القلم

الجامع لاحكام القرآن

قوله تعالى: { فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ } قال ابن عباس: معناه فستعلم ويعلمون يوم القيامة. وقيل: فسترى ويرون يوم القيامة حين يتبين الحقّ والباطل. { بِأَيِّكُمُ ٱلْمَفْتُونُ } الباء زائدة؛ أي فستبصر ويبصرون أيكم المفتون. أي الذي فُتِن بالجنون؛ كقوله تعالى: { { تَنبُتُ بِٱلدُّهْنِ } [المؤمنون:20] و { يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ ٱللَّهِ } [الإنسان:6] وهذا قول قتادة وأبي عُبيد والأخفش. وقال الراجز:

نحن بنو جَعْدَة أصحاب الفَلَجنضرب بالسيف ونرجو بالفَرَج

وقيل: الباء ليست بزائدة؛ والمعنى: { بِأَيِّكُمُ ٱلْمَفْتُونُ } أي الفتنة. وهو مصدر على وزن المفعول، ويكون معناه الفُتُون؛ كما قالوا: ما لفلان مجلود ولا معقول؛ أي عقل ولا جلادة. وقاله الحسن والضحاك وابن عباس. وقال الراعي:

حتى إذا لم يتركوا لعظامهلحماً ولا لفؤاده معقولا

أي عقلاً. وقيل في الكلام تقدير حذف مضاف؛ والمعنى: بأيكم فتنة المفتون. وقال الفرّاء: الباء بمعنى في؛ أي فستبصِر ويبصرون في أي الفريقين المجنون؛ أبا لِفِرْقة التي أنت فيها من المؤمنين أم بالْفِرقة الأخرى. والمفتون: المجنون الذي فتنه الشيطان. وقيل: المفتون المعذَّب. من قول العرب: فتنت الذهب بالنار إذا حَمّيته. ومنه قوله تعالى: { { يَوْمَ هُمْ عَلَى ٱلنَّارِ يُفْتَنُونَ } [الذاريات:13] أي يعذّبون.

ومعظم السورة نزلت في الوليد بن المغيرة وأبي جهل. وقيل: المفتون هو الشيطان؛ لأنه مفتون في دينه. وكانوا يقولون: إن به شيطاناً، وعَنَوْا بالمجنون هذا؛ فقال الله تعالى: فسيعلمون غداً بأيهم المجنون؛ أي الشيطان الذي يحصل من مسّه الجنون واختلاط العقل. { إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ } أي إن الله هو العالم بمن حاد عن دينه. { وَهُوَ أَعْلَمُ بِٱلْمُهْتَدِينَ } أي الذين هم على الهدى فيجازِي كُلاًّ غداً بعمله.