التفاسير

< >
عرض

وَدُّواْ لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ
٩
-القلم

الجامع لاحكام القرآن

قال ٱبن عباس وعطية والضحاك والسُّدّيّ: ودّوا لو تكفر فيتَمادَوْن على كفرهم. وعن ٱبن عباس أيضاً: ودّوا لو تُرَخِّص لهم فَيُرخِّصون لك. وقال الفرّاء والكَلْبيّ: لو تلين فيلينون لك. والادّهان: التَّليين لمن لا ينبغي له التَّليين؛ قاله الفرّاء. وقال مجاهد: المعنى ودّوا لو رَكَنْتَ إليهم وتركت الحقّ فيُمالئونك. وقال الربيع بن أنس: ودّوا لو تكذب فيكذبون. وقال قتادة: ودّوا لو تذهب عن هذا الأمر فيذهبون معك. الحسن: ودّوا لو تصانعهم في دينك فيصانعونك في دينهم. وعنه أيضاً: ودّوا لو ترفض بعض أمرك فيرفضون بعض أمرهم. زيد بن أسلم: لو تنافق وترائي فينافقون ويراءون. وقيل: ودّوا لو تضعف فيضعفون؛ قاله أبو جعفر. وقيل، ودّوا لو تداهن في دينك فيداهنون في أديانهم؛ قاله القُتَبيّ. وعنه: طلبوا منه أن يعبد آلهتهم مدّة ويعبدوا إلٰهه مدّة. فهذه ٱثنا عشر قولاً. ابن العربيّ: ذكر المفسرون فيها نحو عشرة أقوال كلّها دعاوَى على اللغة والمعنى. أمثلها قولهم: ودّوا لو تكذب فيكذبون، ودّوا لو تكفر فيكفرون.

قلت: كلها إن شاء الله تعالى صحيحة على مقتضى اللغة والمعنى؛ فإن الادّهان: اللينُ والمصانعة. وقيل: مجاملة العدُوّ ممايلته. وقيل: المقاربة في الكلام والتَّليين في القول. قال الشاعر:

لبعض الغَشْم أحزم في أمورتنوبك من مداهنة العِده

وقال المفضل: النفاق وترك المناصحة. فهي على هذا الوجه مذمومة، وعلى الوجه الأوّل غير مذمومة، وكل شيء منها لم يكن. قال المبرد: يقال أدهن في دينه وداهن في أمره؛ أي خان فيه وأظهر خلاف ما يضمر. وقال قوم: داهنت بمعنى واريت، وأدهنت بمعنى غششت؛ قاله الجوهريّ. وقال: «فَيُدْهِنُونَ» فساقه على العطف، ولو جاء به جواب النهي لقال فيدهنوا. وإنما أراد: إن تمنوا لو فعلت فيفعلون مثل فعلك؛ عطفاً لا جزاءً عليه ولا مكافأة، وإنما هو تمثيل وتنظير.