التفاسير

< >
عرض

فَلَيْسَ لَهُ ٱلْيَوْمَ هَا هُنَا حَمِيمٌ
٣٥
وَلاَ طَعَامٌ إِلاَّ مِنْ غِسْلِينٍ
٣٦
لاَّ يَأْكُلُهُ إِلاَّ ٱلْخَاطِئُونَ
٣٧
-الحاقة

الجامع لاحكام القرآن

قوله تعالى: { فَلَيْسَ لَهُ ٱلْيَوْمَ هَا هُنَا حَمِيمٌ } خبر «ليس» قوله: «له» ولا يكون الخبر قوله: «هَا هُنَا» لأن المعنى يصير: ليس ها هنا طعام إلا من غِسْلِين، ولا يصح ذلك؛ لأن ثَمّ طعاماً غيره. و «هَا هُنَا» متعلق بما في «له» من معنى الفعل. والحميم ها هنا القريب. أي ليس لي قريب يرقّ له ويدفع عنه. وهو مأخوذ من الحميم وهو الماء الحارّ؛ كأنه الصديق الذي يرقّ ويحترق قلبه له. والغِسْلِين فِعْلين من الغَسل؛ فكأنه ينغسل من أبدانهم، وهو صَدِيدُ أهل النار السائل من جروحهم وفروجهم؛ عن ابن عباس. وقال الضحاك والربيع بن أنس: هو شجر يأكله أهل النار. والغِسْل (بالكسر): ما يغسل به الرأس من خِطْمِيّ وغيره. الأخفش: ومنه الغسلين، وهو ماانغسل من لحوم أهل النار ودمائهم. وزيد فيه الياء (والنون) كما زيد في عِفِرّين. وقال قتادة: هو شر الطعام وأبشعه. ابن زيد: لا يُعلم ما هو ولا الزّقوم. وقال في موضع آخر: { { لَّيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلاَّ مِن ضَرِيعٍ } [الغاشية:6] يجوز أن يكون الضّريع من الغسلين. وقيل: في الكلام تقديم وتأخير؛ والمعنى فليس له اليوم ها هنا حميم إلا من غسلين؛ ويكون الماء الحار. { وَلاَ طَعَامٌ } أي وليس لهم طعام ينتفعون به. { لاَّ يَأْكُلُهُ إِلاَّ ٱلْخَاطِئُونَ } أي المذنبون. وقال ابن عباس: يعني المشركين. وقرىء «الخاطيون» بإبدال الهمزة ياء، و «الخاطون» بطرحها. وعن ابن عباس: ما الخاطون! كلنا نخطو. ورَوى عنه أبو الأسود الدُّؤَليّ: ما الخاطون؟ إنما هو الخاطئون. ما الصابون! إنما هو الصابئون. ويجوز أن يراد الذين يتخطّون الحقّ إلى الباطل ويتعدَّون حدود الله عز وجل.