التفاسير

< >
عرض

يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ ٱلأَجْدَاثِ سِرَاعاً كَأَنَّهُمْ إِلَىٰ نُصُبٍ يُوفِضُونَ
٤٣
-المعارج

الجامع لاحكام القرآن

«يَوْمَ» بدل من «يَوْمَهُمُ» الذي قبله، وقراءة العامة { يَخْرُجُونَ } بفتح الياء وضم الراء على أنه مسمّى الفاعل. وقرأ السُّلَمِيّ والمغيرة والأعشى عن عاصم «يُخْرَجون» بضم الياء وفتح الراء على الفعل المجهول. والأجداث: القبور، واحدها جدث. وقد مضى في سورة «يس». { سِرَاعاً } حين يسمعون الصيحة الآخرة إلى إجابة الداعي، وهو نصب على الحال { كَأَنَّهُمْ إِلَىٰ نُصُبٍ يُوفِضُونَ } قراءة العامة بفتح النون وجزم الصاد. وقرأ ابن عامر وحفص بضم النون والصاد. وقرأ عمرو بن ميمون وأبو رجاء وغيرهما بضم النون وإسكان الصاد. والنَّصْب والنُّصْب لغتان مثل الضَّعْف والضُّعْف. الجوهريّ: والنَّصْب ما نُصِب فعُبِد من دون الله، وكذلك النُّصْب بالضم، وقد يحرّك. قال الأعشى:

وذَا النُّصُبَ المنصوبَ لا تَنْسُكَنَّهلعافِيةٍ والله ربّك فاعْبُـدَا

أراد «فَٱعْبُدَنْ» فوقف بالألف، كما تقول: رأيت زيدا. والجمع الأنصاب. وقوله: «وذا النُّصُبَ» بمعنى إيّاك وذا النُّصُبَ. والنُّصُبَ الشر والبلاء، ومنه قوله تعالى: { { أَنِّي مَسَّنِيَ ٱلشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ } [ص:41]. وقال الأخفش والفرّاء: النُّصُب جمع النَّصْب مثل رَهْن ورُهُن، والأنصاب جمع نُصُب، فهو جمع الجمع. وقيل: النّصُب والأنصاب واحد. وقيل: النُصب جمع نصاب، وهو حجر أو صنم يُذبح عليه، ومنه قوله تعالى: { { وَمَا ذُبِحَ عَلَى ٱلنُّصُبِ } .[المائدة:3] وقد قيل: نَصْب ونُصْب ونُصُب بمعنًى واحد، كما قيل عَمْر وعُمْر وعُمُر. ذكره النحاس. قال ٱبن عباس: «إلى نَصْب» إلى غاية، وهي التي تنصب إليها بصرك. وقال الكلبيّ: إلى شيء منصوب، عَلَم أو راية. وقال الحسن: كانوا يبتدرون إذا طلعت الشمس إلى نصبهم التي كانوا يعبدونها من دون الله لا يلوى أوّلهم على آخرهم. { يُوفِضُونَ } يُسرعون. والإيفاض الإسراع. قال الشاعر:

فوارس ذُبْيـانَ تحت الحديــــد كالجنّ يُوفضن مـن عَبْقَـرِ

عبْقَرٌ: موضع تزعم العرب أنه من أرض الجن. قال لبِيد:

* كهـول وشبــان كجِنّـة عبقـرِ

وقال الليث: وفضت الإبل تَفِض وفضاً، وأوفضها صاحبها. فالإيفاض متعدّ، والذي في الآية لازم. يقال: وفض وأوفض واستوفض بمعنى أسرع.