التفاسير

< >
عرض

قَالَ يٰقَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ
٢
أَنِ ٱعبُدُواْ ٱللَّهَ وَٱتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ
٣
يَغْفِرْ لَكُمْ مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى إِنَّ أَجَلَ ٱللَّهِ إِذَا جَآءَ لاَ يُؤَخَّرُ لَوْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
٤
-نوح

الجامع لاحكام القرآن

قوله تعالى: { قَالَ يٰقَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ } أي مخوّف. { مُّبِينٌ } أي مظهر لكم بلسانكم الذي تعرفونه. { أَنِ ٱعبُدُواْ ٱللَّهَ وَٱتَّقُوهُ } و«أن» المفسرة على ما تقدم في «أنْ أنْذِرْ». «اعْبُدُوا» أي وحّدوا. واتقوا: خافوا. { وَأَطِيعُونِ } أي فيما آمركم به، فإني رسول الله اليكم. { يَغْفِرْ لَكُمْ مِّن ذُنُوبِكُمْ } جُزِم «يغفِر» بجواب الأمر. و«مِن» صلة زائدة. ومعنى الكلام يغفر لكم ذنوبكم، قاله السدّي. وقيل: لا يصح كونها زائدة، لأن «مِن» لا تزاد في الواجب، وإنما هي هنا للتبعيض، وهو بعض الذنوب، وهو ما لا يتعلق بحقوق المخلوقين. وقيل: هي لبيان الجنس. وفيه بُعْدٌ، إذ لم يتقدم جنس يليق به. وقال زيد بن أسلم: «المعنى يخرجكم من ذنوبكم. ابن شجرة: المعنى يغفر لكم من ذنوبكم ما استغفرتموه منها { وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى } قال ابن عباس: أي ينسىء في أعماركم. ومعناه أن الله تعالى كان قضى قبل خلقهم أنهم إن آمنوا بارك في أعمارهم، وإن لم يؤمنوا عوجلوا بالعذاب. وقال مقاتل: يؤخركم إلى منتهى آجالكم في عافية، فلا يعاقبكم بالقحط وغيره. فالمعنى على هذا يؤخركم من العقوبات والشدائد إلى آجالكم. وقال: الزجاج أي يؤخركم عن العذاب فتموتوا غير موتة المستأصلين بالعذاب. وعلى هذا قيل: «أجل مُسَمىًّ» عندكم تعرفونه، لا يميتكم غَرَقاً ولا حَرَقاً ولا قَتْلاً، ذكره الفرّاء. وعلى القول الأول «أجَلٍ مُسَمّى» عند الله. { إِنَّ أَجَلَ ٱللَّهِ إِذَا جَآءَ لاَ يُؤَخَّرُ } أي إذا جاء الموت لا يؤخّر بعذاب كان أو بغير عذاب. وأضاف الأجل إليه سبحانه لأنه الذي أثبته. وقد يضاف إلى القوم، كقوله تعالى: { فَإِذَا جَآءَ أَجَلُهُمْ } لأنه مضروب لهم. و«لَوْ» بمعنى «إن» أي إن كنتم تعلمون. وقال الحسن: معناه لو كنتم تعلمون لعلمتم أن أجل الله إذا جاءكم لم يؤخّر.