التفاسير

< >
عرض

رَّبُّ ٱلْمَشْرِقِ وَٱلْمَغْرِبِ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ فَٱتَّخِذْهُ وَكِيلاً
٩
وَٱصْبِرْ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَٱهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً
١٠
وَذَرْنِي وَٱلْمُكَذِّبِينَ أُوْلِي ٱلنَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلاً
١١
-المزمل

الجامع لاحكام القرآن

قوله تعالى: { رَّبُّ ٱلْمَشْرِقِ وَٱلْمَغْرِبِ } قرأ أهل الحرمين وٱبن مُحَيْصن ومجاهد وأبو عمرو وٱبن أبي إسحاق وحفص «رَبُّ» بالرفع على الابتداء والخبر { لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ }. وقيل: على إضمار «هو». الباقون «رَبِّ» بالخفض على نعت الربّ تعالى في قوله تعالى: { وَٱذْكُرِ ٱسْمَ رَبِّكَ } «رَبِّ الْمَشْرِقِ»، ومن علم أنه ربّ المشارق والمغارب ٱنقطع بعمله وأمله إليه. { فَٱتَّخِذْهُ وَكِيلاً } أي قائماً بأمورك. وقيل: كفيلاً بما وعدك.

قوله تعالى: { وَٱصْبِرْ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ } أي من الأذى والسبّ والاستهزاء، ولا تجزع من قولهم، ولا تمتنع من دعائهم. { وَٱهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً } أي لا تتعرض لهم، ولا تشتغل بمكافأتهم، فإن في ذلك ترك الدعاء إلى الله. وكان هذا قبل الأمر بالقتال، ثم أمر بعدُ بقتالهم وقتلهم، فنَسخت آية القتال ما كان قبلها من الترك؛ قاله قتادة وغيره. وقال أبو الدرداء: إنا لَنَكْشِرُ في وجوه أقوام ونضحك إليهم وإن قلوبنا لتقَلْيهم أو لتلعنهم.

قوله تعالى: { وَذَرْنِي وَٱلْمُكَذِّبِينَ } أي ٱرض بي لعقابهم. نزلت في صناديد قريش ورؤوساء مكة من المستهزئين. وقال مقاتل: نزلت في المطعِمِين يوم بدر وهم عشرة. وقد تقدّم ذكرهم في «الأنفال». وقال يحيـى بن سلاّم: إنهم بنو المغيرة. وقال سعيد بن جُبير أخبرت أنهم ٱثنا عشر رجلاً. { أُوْلِي ٱلنَّعْمَةِ } أي أولى الغنى والترفُّه واللذة في الدنيا { وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلاً } يعني إلى مدّة آجالهم. قالت عائشة رضي الله عنها: لما نزلت هذه الآية لم يكن إلا يسيراً حتى وقعت وقعة بدر. وقيل: { وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلاً } يعني إلى مدة الدنيا.