التفاسير

< >
عرض

هَـٰذَا يَوْمُ لاَ يَنطِقُونَ
٣٥
وَلاَ يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ
٣٦
وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ
٣٧
-المرسلات

الجامع لاحكام القرآن

قوله تعالى: { هَـٰذَا يَوْمُ لاَ يَنطِقُونَ } أي لا يتكلمون { وَلاَ يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ } أي إن يوم القيامة له مواطن ومواقيت، فهذا من المواقيت التي لا يتكلّمون فيها، ولا يؤذن لهم في الاعتذار والتنصل. وعن عِكرمة عن ٱبن عباس قال: سأله ٱبن الأزرق عن قوله تعالى: { هَـٰذَا يَوْمُ لاَ يَنطِقُونَ } و { { فَلاَ تَسْمَعُ إِلاَّ هَمْساً } [طه: 108] وقد قال تعالى: { { وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ يَتَسَآءَلُونَ } [الصافات: 27] فقال له: إن االله عز وجل يقول: { { وَإِنَّ يَوْماً عِندَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ } [الحج: 47] فإن لكل مقدار من هذه الأيام لوناً من هذه الألوان. وقيل: لا ينطقون بحجة نافعة، ومن نطق بما لا ينفع ولا يفيد فكأنه ما نطق. قال الحسن: لا ينطقون بحجة وإن كانوا ينطقون. وقيل: إن هذا وقت جوابهم { { ٱخْسَئُواْ فِيهَا وَلاَ تُكَلِّمُونِ } [المؤمنون: 108] وقد تقدم. وقال أبو عثمان: أسكتتهم رؤيةُ الهيبة وحياءُ الذنوب. وقال الجُنيد: أيُّ عذر لمِن أعرض عن مُنعِمهِ وجحده وكفر أياديه ونِعمه؟ و «يوم» بالرفع قراءة العامة على الابتداء والخبر؛ أي تقول الملائكة: «هذا يوم لا ينطِقون». ويجوز أن يكون قوله: «ٱنطلِقوا» من قول الملائكة، ثم يقول الله لأوليائه: هذا يوم لا ينطِق الكُفَّار. ومعنى اليوم الساعة والوقت. وروى يحيـى بن سلطان عن أبي بكر عن عاصم «هذا يومَ لا ينطِقون» بالنصب، ورُوِيتْ عن ٱبن هُرْمز وغيره، فجاز أن يكون مبنياً لإضافته إلى الفعل وموضعه رفع. وهذا مذهب الكوفيين. وجاز أن يكون في موضع نصب على أن تكون الإشارة إلى غير اليوم. وهذا مذهب البصريين؛ لأنه إنما بني عندهم إذا أضيف إلى مبنيّ، والفعل هاهنا معرب. وقال الفراء في قوله تعالى: { وَلاَ يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ } الفاء نَسْق أي عطف على «يُؤْذَن»، وأجيز ذلك؛ لأن أواخر الكلام بالنون. ولو قال: فيعتذروا لم يوافق الآيات. وقد قال: { لاَ يُقْضَىٰ عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُواْ } بالنصب وكله صواب؛ ومثله: { مَّن ذَا ٱلَّذِي يُقْرِضُ ٱللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ } بالنصب والرفع.