التفاسير

< >
عرض

وَمَا كَانَ صَلاَتُهُمْ عِندَ ٱلْبَيْتِ إِلاَّ مُكَآءً وَتَصْدِيَةً فَذُوقُواْ ٱلْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ
٣٥
إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ إِلَىٰ جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ
٣٦
لِيَمِيزَ ٱللَّهُ ٱلْخَبِيثَ مِنَ ٱلطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ ٱلْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَىٰ بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعاً فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْخَاسِرُونَ
٣٧
-الأنفال

الجامع لاحكام القرآن

قال ابن عباس: كانت قريش تطوف بالبيت عُراة، يصفّقون ويصفّرون؛ فكان ذلك عبادة في ظنهم. والمُكَاء: الصّفير. والتصدية: التصفيق؛ قاله مجاهد والسدّيّ وابن عمر رضي الله عنهم. ومنه قول عنترة:

وحَليلِ غانيةٍ تركت مُجَدَّلاًتَمْكُو فرِيصتُه كشِدْق الأعْلم

أي تصوّت. ومنه مكَتِ ٱستُ الدابة إذا نَفخت بالريح. قال السُّدِّي: المُكَاء الصفير، على لحن طائر أبيض بالحجاز يقال له المكاء. قال الشاعر:

إذا غَرّد المُكَّاء في غير رَوْضةفوَيْلٌ لأهل الشّاءِ والحُمُراتِ

قتادة: المُكَاء ضرب بالأيدي، والتّصدية صياح. وعلى التفسيرين ففيه ردّ على الجهال من الصوفية الذين يَرقُصون ويُصَفّقون ويصعقون. وذلك كله منكر يتنزّه عن مثله العقلاء، ويتشبّه فاعله بالمشركين فيما كانوا يفعلونه عند البيت. وروى ابن جُريج وابن أبي نَجيح عن مجاهد أنه قال: المُكَاء إدخالهم أصابعهم في أفواههم. والتّصدية: الصّفِير، يريدون أن يُشغلوا بذلك محمداً صلى الله عليه وسلم عن الصلاة. قال النحاس: المعروف في اللغة ما رُوي عن ابن عمر. حكى أبو عبيد وغيره أنه يقال: مَكَا يَمْكُو مَكْواً ومُكاء إذا صَفّر. وصَدّى يُصدّى تصدية إذا صفق؛ ومنه قول عمرو بن الإطنابة:

وظلّوا جميعاً لهم ضجّةٌمُكاء لدى البيت بالتَّصدِيهْ

أي بالتصفيق. سعيد بنُ جبير وابن زيد: معنى التّصدية صدّهم عن البيت؛ فالأصل على هذا تصددة، فأبدل من أحد الدالين ياء. ومعنى { لِيَمِيزَ ٱللَّهُ ٱلْخَبِيثَ مِنَ ٱلطَّيِّبِ } أي المؤمن من الكافر. وقيل: هو عام في كل شيء، من الأعمال والنفقات وغير ذلك.