التفاسير

< >
عرض

وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ
١٠
كِرَاماً كَاتِبِينَ
١١
يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ
١٢
-الانفطار

الجامع لاحكام القرآن

قوله تعالى: { وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ } أي رُقباء من الملائكة { كِرَاماً } أي عليّ؛ كقوله: { كِرَامٍ بَرَرَةٍ } وهنا ثلاث مسائل:

الأولى ـ رُوِي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أكرمُوا الكرامَ الكاتبين الذين لا يفارقونكم إلا عند إحدى حالتين: الخِرَاءة أو الجماع، فإذا ٱغتسل أحدكم فليستتر بجرم (حائط) أو بغيره، أو ليستره أخوه" . ورُوي عن عليّ رضي الله عنه قال: لا يزال المَلكَ مولياً عن العبد ما دام باديَ العورة. ورُوِي. "إن العبد إذا دخل الحمام بغير مئِزر لعنه ملكاه" .

الثانية ـ وٱختلف الناس في الكُفّار هل عليهم حفَظَة أم لا؟ فقال بعضهم: لا؛ لأن أمرهم ظاهر، وعملهم واحد؛ قال الله تعالى: { { يُعْرَفُ ٱلْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ } [الرحمن: 41]. وقيل: بل عليهم حفظة؛ لقوله تعالى: { كَلاَّ بَلْ تُكَذِّبُونَ بِٱلدِّينِ * وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَاماً كَاتِبِينَ * يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ }. وقال: { { وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ } [الحاقة: 25] وقال: { { وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَآءَ ظَهْرِهِ } [الانشقاق: 10]، فأخبر أن الكفار يكون لهم كُتّاب، ويكون عليهم حفَظَة. فإن قيل: الذي على يمينه أيَّ شيء يكتب ولا حسنة له؟ قيل له: الذي يكتب عن شماله يكون بإذن صاحبه، ويكون شاهداً على ذلك وإن لم يكتب. والله أعلم.

الثالثة ـ سئل سفيان: كيف تعلم الملائكة أن العبدَ قد هم بحسنة أو سيئة؟ قال: إذا هم العبد بحسنة وجدوا منه ريح المسك، وإذا هم بسيئة وجدوا منه ريح النَّتْن. وقد مضى في «ق» عند قوله: { { مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ } [ق: 18] زيادة بيان لمعنى هذه الآية. وقد كره العلماء الكلام عند الغائط والجماع، لمفارقة الملك العبد عند ذلك. وقد مضى في آخر «آلِ عِمران» القول في هذا. وعن الحسن: يعلمون لا يخفى عليهم شيء من أعمالكم. وقيل: يعلمون ما ظهر منكم دون ما حدّثتم به أنفسكم. والله أعلم.