التفاسير

< >
عرض

إِنَّ ٱلأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ
١٣
وَإِنَّ ٱلْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ
١٤
يَصْلَوْنَهَا يَوْمَ ٱلدِّينِ
١٥
وَمَا هُمْ عَنْهَا بِغَآئِبِينَ
١٦
وَمَآ أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ ٱلدِّينِ
١٧
ثُمَّ مَآ أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ ٱلدِّينِ
١٨
يَوْمَ لاَ تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً وَٱلأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ
١٩
-الانفطار

الجامع لاحكام القرآن

قوله تعالى: { إِنَّ ٱلأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ * وَإِنَّ ٱلْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ } تقسيم مثل قوله: { { فَرِيقٌ فِي ٱلْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي ٱلسَّعِيرِ } [الشورى: 7]. وقال: { { يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ. فَأَمَّا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } [الروم: 14-15] الآيتين. { يَصْلَوْنَهَا } أي يصيبهم لهبُها وحَرّهُا { يَوْمَ ٱلدِّينِ } أي يوم الجزاء والحساب، وكرر ذكره تعظيماً لشأنه؛ نحو قوله تعالى: { { ٱلْقَارِعَةُ * مَا ٱلْقَارِعَةُ * وَمَآ أَدْرَاكَ مَا ٱلْقَارِعَةُ } [القارعة: 1-3] وقال ٱبن عباس فيما روي عنه: كل شيء من القرآن من قوله: { وَمَآ أَدْرَاكَ }؟ فقد أدراه، وكل شيء من قوله: «وما يُدْرِيك» فقد طُوِي عنه. { يَوْمَ لاَ تَمْلِكُ نَفْسٌ } قرأ ٱبن كثير وأبو عمرو «يومُ» بالرفع على البدل من «يومُ الدينِ» أو رداً على اليوم الأوّل، فيكون صفة ونعتاً لـ«ـيوم الدينِ». ويجوز أن يرفع بإضمار هو. الباقون بالنصب على أنه في موضع رفع إلاّ أنه، نصب؛ لأنه مضاف غير متمكن؛ كما تقول: أعجبني يوم يقومُ زيد. وأنشد المبرد:

مِن أَيِّ يومَيَّ مِنَ الموتِ أَفِرّأيومَ لم يقْدَرَ أم يومَ قُدِرْ

فاليومان الثانيان مخفوضان بالإضافة، عن الترجمة عن اليومين الأوّلين، إلا أنهما نصبا في اللفظ؛ لأنهما أضيفا إلى غير محضٍ. وهذا ٱختيار الفراء والزجَّاج. وقال قوم: اليوم الثاني منصوب على المحل، كأنه قال في يوم لا تملك نفس لنفس شيئاً. وقيل: بمعنى: إن هذه الأشياء تكون يومَ، أو على معنى يُدانون يومَ؛ لأن الدِّين يدل عليه، أو بإضمار ٱذكر. { وَٱلأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ } لا ينازعه فيه أحد؛ كما قال: { { لِّمَنِ ٱلْمُلْكُ ٱلْيَوْمَ لِلَّهِ ٱلْوَاحِدِ ٱلْقَهَّارِ * ٱلْيَوْمَ تُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَـسَبَتْ لاَ ظُلْمَ ٱلْيَوْمَ } [غافر: 16-17]. تمت السورة والحمد لله.