التفاسير

< >
عرض

بَلِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يُكَذِّبُونَ
٢٢
وَٱللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُوعُونَ
٢٣
فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ
٢٤
إِلاَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ
٢٥
-الانشقاق

الجامع لاحكام القرآن

قوله تعالى: { بَلِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يُكَذِّبُونَ } محمداً صلى الله عليه وسلم وما جاء به. وقال مقاتل: نزلتْ في بني عمرو بن عُمَير وكانوا أربعة، فأسلم ٱثنان منهم. وقيل: هي في جميع الكفار. { وَٱللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُوعُونَ } أي بما يضمرونه في أنفسهم من التكذيب. كذا رَوي الضحاك عن ٱبن عباس. وقال مجاهد: يكتمُون من أفعالهم. ٱبن زيد: يجمعون من الأعمال الصالحة والسيئة؛ مأخوذ من الوِعاء الذي يَجْمع ما فيه؛ يقال: أوعيت الزاد والمتاع: إذا جعلته في الوِعاء؛ قال الشاعر:

الخير أبقى وإِن طال الزمانُ بِهِوالشرُّ أَخبث ما أوعيت مِن زادِ

ووعاه أي حفظه؛ تقول: وَعَيْتُ الحديث أعِيهِ وَعياً، وأذُنٌ واعِية. وقد تقدم. { فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } أي مُوجع في جهنم على تكذيبهم. أي ٱجعل ذلك بمنزلة البشارة.{ إِلاَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ } ٱستثناء منقطع، كأنه قال: لكن الذين صَدَّقوا بشهادة أن لا إله إلا الله وأنّ محمداً رسول الله، وعملوا الصالحات، أي أدّوا الفرائض المفروضة عليهم { لَهُمْ أَجْرٌ } أي ثواب { غَيْرُ مَمْنُونٍ } أي غير منقوص ولا مقطوع؛ يقال: مَنَنْتُ الحبل: إذا قطعته. وقد تقدم. وسأل نافع بن الأزرق ٱبن عباس عن قوله «لهم أجر غير ممنونٍ» فقال: غير مقطوع. فقال: هل تعرف ذلك العرب؟ قال: نعم قد عرفه أخو يُشْكُرَ حيث يقول:

فترى خَلْفَهُنَّ مِن سُرْعةِ الرجْــعِ مَنيِناً كأَنَّهُ أَهباءُ

قال المبرد: المنين: الغبار؛ لأنها تقطعه وراءها. وكل ضعيف منين وممنون. وقيل: { غَيْرُ مَمْنُونٍ } لا يُمنّ عليهم به. وذكر ناس من أهل العلم أن قوله «إِلا الذِين آمنوا وعمِلوا الصالِحاتِ» ليس ٱستثناء، وإنما هو بمعنى الواو، كأنه قال: والذين آمنوا. وقد مضى في «البقرة» القول فيه والحمد لله. تمت سورة الإنشقاق.